الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بالطلاق أن لا يحول لزوجته مالًا، فهل يحنث إذا اقترضت ثم سدد القرض؟

السؤال

حلفت على زوجتي بالطلاق أن لا أحول لها مالًا، فهل يصح أن تأخذ من زوجة أخي مالًا دينًا، إلى أن أرجع، وبعد ذلك تعيد لها المال، أو أعطي أخي مالًا يحوله إلى زوجته، وتعطيها هي المال؟ وهل يمكن أن أرجع عن عزمي هذا يومًا ما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحلف بالطلاق، له حكم الطلاق المعلق، فإن فعلت المحلوف عليه -وهو تحويلك مالًا لزوجتك- على الوجه الذي قصدته؛ فقد حنثت.

فنيتك في هذا معتبرة، فإن كنت نويت أن لا تعطيها مباشرة، أو غير مباشرة، فتحنث بأي سبيل أوصلت به إليها هذا المال، سواء بقرض من زوجة أخيك، أم تسليمها لها عن طريق أخيك.

وإن كنت نويت أن لا تحولها لها مباشرة فقط، فلا تحنث إن وصلت إليها من غير هذا السبيل، وراجع الفتوى رقم: 119063. وقد أوضحنا فيها أيضًا اعتبار السبب في الأيمان، أي: إن حلفت هذه اليمين لسبب وزال السبب، فلا حرج عليك في الحنث فيها.

وعلى تقدير حصول الحنث في هذه اليمين؛ فتطلق زوجتك على كل حال في قول جمهور الفقهاء، ومن العلماء من يرى عدم وقوع الطلاق، وأنه تجب كفارة اليمين؛ وذلك فيما إن قصد الزوج مجرد التهديد، وراجع الفتوى رقم: 11592.

ولا يمكن للزوج التراجع عن يمين الطلاق في قول الجمهور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يمكنه التراجع عنها، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟

مثاله: أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك، فأنت طالق ـ يريد الطلاق لا اليمين، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا؟

الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل؛ لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط، فلزم، كما لو كان الطلاق منجزًا.

وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له، فإذا أسقطه فلا حرج؛ لأن الإنسان قد يبدو له أن ذهاب امرأته إلى أهلها يفسدها عليه، فيقول لها: إن ذهبت إلى أهلك، فأنت طالق، ثم يتراجع ويسقط هذا. اهـ.

وننبه إلى أن الحلف بالطلاق يسميه بعض العلماء: يمين الفساق، ثم إنه قد يترتب عليه طلاق الزوجة، كما علمت، وهذا فيه من المحاذير ما فيه، فقد تخرب بسببه البيوت، وتنهدم أركان الأسرة، ويضيع الأولاد، فينبغي الحذر من الحلف بالطلاق، والسعي لحل المشاكل الزوجية بأي وسيلة أخرى مشروعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني