الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

صديقة لي تسال: كنت أسير بالسيارة بسرعة عادية، وسيدة مسنة عبرت الطريق من أمام حافلة، فظهرت أمامي فجأة، وكل الناس في الشارع، وأصحاب المحلات -جيرانها- حاولوا يمشونني، وقالوا لي: أنت لست مخطئة، فهي لا تسمع، وأنت في أقصى الشمال، وهي مشيت من منتصف الشارع؛ لدرجة أن جيرانها أخذوها ليوصلوها إلى المستشفى حتى أنصرف أنا، وأنا لا أعرفهم. والسيدة نفسها قالت لي: لم تخطئي، انصرفي، وحتى لو مخطئة فأنا مسامحتك. المشكلة أني لم أنصرف، ورحت وراءها المستشفى، ودفعت ثمن الأشعات، وظهر عندها شرخ في رجلها، وكسر في الكوع، وخرجت بعد ساعتين ونصف، والدكتور قال لأولادها هي امرأة كبيرة، وعندها هشاشة عظام، فالشرخ والكسر يحتاجان شريحة ومسمارا، ويلزم إجراء عملية. والسيدة وابنها الكبير رفضوا أي تعويض، وكانت تتحايل عليهم يمشونني؛ لأنها هي المخطئة. لكن ابنها الأوسط والصغير وقتها قالوا أي مصاريف علاج زيادة ستتكفلون بها، وتم الاتفاق. يوم دخولها المستشفى ذهب زوجي ولم يجد إلا السيدة وابنها الأوسط ،الذي عرفنا بعد أنه مدمن، وأن ابنها الرابع مسجون. هذا الابن قال لزوجي: ستدفعون فلوس المرافق، وزوجي وافق، وقالوا سنكون على تواصل، فوجئت ببنتها تتصل بزوجي وتقول له: جاءنا ضيوف كثير، ونريد فلوس تذاكرهم وأكلهم، وزوجي وافق، ففوجئنا أنه يأخذ منا الفلوس وقد سجل محضرا في الشرطة قبل ذلك بأربعة أيام، فامتنع زوجي عن دفع المبلغ، وقال له الاتفاق كان على أساس أنه ما في محاضر بيننا، طالما التزمنا بالدفع.
السؤال: هل السيدة لها عندي حق أسأل عليه أمام ربنا؟ علما أن ابنها هذا أخل بالاتفاق، ودعيت السيدة للشهادة، والغالب أنها ستوافق على كلام ابنها الذي لم يذكر أي شيء من الحقيقة، غير أني صدمت أمه بالسيارة فقط. لأنها خائفة أن يدخل السجن مثل أخيه؛ لأن المحضر سيحتسب كيديًّا، وهو سيحاسب عليه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الحال -كما ذكرت- وهو أن المرأة المصابة هي المخطئة، فليس لها حقّ على صاحبة السيارة، وعلى فرض أنّ لها حقاً، وقد أبرأتها منه، فقد برئت ذمتها، ولا يلزمها دفع شيء لها، وليس لها الرجوع فيما أسقطته، وليس لأولادها المطالبة بشيء من ذلك، لأنّ الساقط لا يعود.
وإذا كانت وزوجها قد وعدوا أولادها بالإنفاق على العلاج وغيره، فقد كان ذلك مقابل عدم رفع الأمر للشرطة، فإذا كانوا قد رفعوا الأمر للشرطة، فلا يلزمهم الوفاء بوعدهم.
وعليه؛ فليس على صاحبة السيارة حقّ للمرأة فيما بينها وبين الله. هذا على افتراض أن صاحبة السيارة لا يد لها فيما جرى، لكن هل المصابة أو ذووها موافقون على ذلك؟ أم أن لهم دعوى أخرى؟ إن كانوا لا يعترفون بخطئهم، فلا بد من رفع القضية إلى ذوي الاختصاص في هذا الشان؛ ليحددوا من يتحمل المسؤولية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني