الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً..)

السؤال

هل يجوز للرجل أن يتزوج امرأة زنى بها؟ وما تفسيركم للآية ( الزاني لا ينكح إلا زانية )، لأنني سمعت أنه لا يجوز، مع العلم بأنني أعرف أناساً كثيراً متزوجين، وكانت بينهم مثل هذه العلاقات قبل الزواج!! فكيف قبل القاضي أو الإمام تزويجهم على الرغم من معرفته بالأمر؟؟؟ شاكراً لكم ومثمنا جهودكم، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا مانع من أن يتزوج الزاني ممن زنا بها إذا تابا إلى الله تعالى، أما بدون توبة فلا يجوز، وهذا مذهب الإمام أحمد ومن وافقه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1591، والفتوى رقم: 4115. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً [النور:3]: ومن ها هنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزوج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة. انتهى. فالأمر إذن ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بالزانية التي لم تتب، ولتراجع الفتوى رقم: 16706. هذا هو رأي الإمام أحمد، وهو مبني على تفسير الآية: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3]، أي حرم الزنا، وحُرم الزواج بالزانية كذلك حتى تتوب، وأما جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي فقد ذهبوا إلى جواز نكاح الزانية ولو لم تتب، وهذا بناء على تفسير الآية، بأنها إخبار من الله تعالى بحال الزانيين، قال ابن كثير: هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي: لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية، أو مشركة لا ترى حرمة ذلك. انتهى. والراجح -والله أعلم- هو ما ذهب إليه الإمام أحمد ومن وافقه، وهو الذي رجحه ابن تيمية رحمه الله قال: نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني