الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا من متابعي موقعكم بشكل شبه إدماني؛ خصوصا مركز الفتوى، وأثناء متابعتي لموقعكم كنت وقعت على فتوى لكم أردت سؤالكم عن شيء فيها، إلا أنه لضيق وقتي بسبب العمل نسيت، وما أن تذكرت إلا هممت بسؤالكم حتى لا أنسى ثانية.
السؤال يدور حول الفتوى رقم: 364606.
باختصار سألكم السائل بتلك الفتوى عن مقصود ابن تيمية بكلمة ممتنع في بعض العبارات، ومن تلك العبارات عبارة نسبها السائل لابن تيمية وهي: (إن وجود قديم سوى الله بصفاته، سواء قيل قديم بنفسه، أو قديم بغيره، ممتنع)
وحيث إن السائل لم يوضح موضع تلك العبارة في كتب ابن تيمية؛ ولأني كثير القراءة في كتب ابن تيمية خصوصا في تلك الفلسفيات، فقد بحثت عن تلك العبارة في كتب ابن تيمية على الإنترنت، فلم أجدها في كتبه. ما أريد السؤال عنه أنه حتى لو افترضنا أن ابن تيمية لم يقل تلك العبارة، والراجح عندي أنه لم يقلها.
فما أعتقده أنا أن وجود قديم سوى الله بصفاته ممتنع لذاته، كجمع النقيضين، سواء قيل قديم بنفسه، أو قديم بغيره؛ كمعلول العلة التامة المستلزمة لمعلولها أو غيره. فهل ما أعتقده صحيح موافق لكم؟
أرجو أن تكون إجابتكم عليَّ بنعم إذا كان اعتقادي صحيحا، أو لا إذا كان خطأً. ثم تشرحون لي إن أردتم. لكن أريد الإجابة أوَّلًا بنعم أو لا؛ لأني أحيانا أتيه في الشرح نوعًا ما؛ لذا أحتاج لإجابه صريحة حتى أفهم على أساسها الشرح.
لي سؤال آخر .....

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجواب السؤال الأول هو: نعم. فما ذكره الأخ السائل موافق لما نعتقد، من أن وجود قديم سوى الله بصفاته ممتنع لذاته ... وهذا بيِّنٌ في جواب الفتوى المشار إليها في السؤال: 364606.

وهنا ننبه على أن أكثر العقلاء لا يثبتون قديما بغيره، ومن يقول بذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه، فهو معلول علة تامة موجبة أزلية مستلزمة لمعلولها.

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة: ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول: هو واجب بنفسه أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه ولا بغيره؛ فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه. وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيءٌ قديماً بفاعلٍ، ومن جوَّز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه، ففاعله لا بد أن يوجبه، فيكون علة موجبة أزلية؛ إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده وجاز عدمه - وهو من نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه. اهـ.

وقال في الصفدية: القديم: إما قديم بنفسه، وإما قديم بغيره، والقديم بغيره ممتنع؛ لأنه لا يكون قديما بنفسه إلا إذا كان لازما للقديم بنفسه، وإلا فلو جاز أن يوجد معه وجاز أن لا يوجد معه لم يترجح أحدهما إلا بمرجح، لكن القديم المحدث للمخلوقات لا يجوز أن يلزمه شيء من آثاره؛ لأن آثاره لا تلزمه إلا إذا كان موجبا بنفسه بحيث لا يتخلف عنه موجبه، ولو كان كذلك لم تصدر عنه الحوادث لا بوسط ولا بغير وسط، فإذا صدرت عنه الحوادث علم أنه ليس مستلزما لمفعوله. اهـ.

وأما السؤال الثاني فنعتذر عن جوابه، عملا بسياسة الموقع في الجواب عن السؤال الأول فقط من الأسئلة المتعددة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني