الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التزوج بثانية لا يعني التقصير في حق الأولى والأولاد

السؤال

منذ زواجي لم يكن يوجد تفاهم بيني وبين زوجتي، كنت أحلم بزوجة صالحة أراها تصلي، و تقرأ القرآن، وتتعلم أمور دينها, وللأسف وجدتها متكاسلة، وهذا جعل في نفسى غصة، فكنت أهجرها أحيانا، وكنت أنصحها، فتستجيب أحيانا قليلة، وأيضا عدم اهتمامها بالنظافة، وأسلوبها معي أتعب نفسيتي، حتى أصبحت أنا أيضا مقصرا في أمور ديني ودنياي، وكنت أصبر، وأقصى ما أفعل هو هجرانها، ولكنها كانت تستفزني، وأحيانا كنت لا أتحمل، فضربتها مرة، ثم ندمت، وكانت هي من تصالحني، ثم حدثت مشكلة، وضربتها، وندمت، وصالحتها، وكنت أقول لها: أعينيني على طاعة ربي فيك؛ لأني أكره نفسي حين أضربك، ولكن تكرر للمرة الرابعة بعد أكثر من أربع سنوات، وسببتها لأول مرة، فسبتني، وحاولت ضربي، وعذرتها لأني أنا البادئ، وصالحتها، فلم تقبل، فأخبرتها أنني مضطر أن أتزوج، فتغيرت، وتصالحنا، واتفقنا ألا نخبر أهالينا إلا بخير، ونصلح بيننا وبينهم بالمعروف، ونحافظ على الصلاة والقرآن، ونسمع الدروس الدينية والأسرية، فأصبحت حياتنا سعيدة -ولله الحمد- أكثر من ستة أشهر، ثم طلبت مني السفر لحضور زفاف أخيها، فاستدنت لأسفرها، وأكرمتها، وأعطيتها المال، وسافرت، ثم فوجئت برسالة تسبني فيها، تقول إنني أرسلت فيديو لأمي أظهر فيه أن البيت ليس نظيفا، وقالت كلاما يعلم الله أنها ظالمة لي، وأنكرت كل معروف، فذهبت أمي وأختي للإصلاح، وبعد مناقشات وافقت زوجتي وأمها، وطلبت من أمي أن أتصل بأخيها، وأنهي معه الموضوع، فكلمته أمي، فسبني، وقال: إنني كنت أذله بأخته، ويعلم الله ما فعلت شيئا إلا محافظة على بيتي، وسامحت، وأرسلت لزوجتي طالبتها أن تصلح بيني وبينه، وحذرتها من كفران العشير، وذكرتها بحديث تخبيب الزوجة، وأنني أنتظرها، وإلا ستنتهي التأشيرة، ولن ترجع إلا بعد ثلاث سنوات، وسأضطر للزواج، فلم ترد، وكلم صديق أخاها، فوجده مصمما أن أسافر، وأدخل بيتهم، ويأخذ حقه مني، ولو بعد سنوات، وقد استنفدت محاولات الإصلاح، ويعلم ربي أنني عاملتها بمعروف، وأذكرها بالخير لأهلي، وأدعو لأبيها مثل أبي، ووقت يُسري كنت أُهدي أمها بمثل ما أهدي به أمي، وصبرت عليها، ولم أحرمها من التواصل مع أهلها أبدا، ولم أجد سبيلا للإصلاح إلا وسلكته. فهل أكون مقصرا في حقها، وحق أولادي إن تزوجت؟ وهل صبري ومعروفي يكفر أخطائي في ضربها؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الزواج من زوجة ثانية، بل وثالثة ورابعة، مباح لمن كان قادرا على العدل بين زوجاته، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، فلا تكون مقصرا في حق زوجتك، ولا حق أولادك لمجرد إقدامك على الزواج من ثانية. وعليك بالقيام بحق زوجتك وأولادك، وقد بينا الحقوق الزوجية في الفتوى: 27662. وحقوق الأولاد بيناها في الفتوى: 23307.

وصبرك عل زوجتك، ومعاملتها بالحسنى نرجو أن تؤجر عليه خيرا، وأما ضربك لها إن كان ظلما وعدوانا عليها، فحقوق العباد تكفرها التوبة، ومن شروط التوبة من هذه الحقوق استسماح صاحب الحق، وراجع شروط التوبة في الفتوى: 29785. ولمعرفة الضوابط الشرعية في ضرب الزوجة انظر الفتوى: 69.

وننبه إلى بعض الأمور:

الأمر الأول: أن من أعظم أسباب الفشل في الحياة الزوجية التساهل في أمر اختيار الزوجة، وعدم مراعاة أدب الشرع في ذلك باختيار الدينة الخيرة، فإنها أدعى لأن تعرف لزوجها حقه، وتعينه في طاعته ربه، وتربية أولاده على الخير والفضيلة. وراجع الفتوى: 8757.

الأمر الثاني: أن أهل الزوجة ينبغي أن يتدخلوا بخير في جانب الإصلاح بين ابنتهم وزوجها، قال الله سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.

والصلح خير ينبغي المصير إليه ما أمكن، فإن الشقاق بين الزوجين له آثاره السيئة، وخاصة على الأولاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني