الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يطيع الولد أباه في المعروف، ولا يخالفه فيما لا ضرر عليه

السؤال

أخي لديه مشكلة مع أبي، وهي أن أخي شاب يحب لبس البدلات والقصات الشبابية، وأبي رجل تقليدي لا يحب هذه الأمور، ويعتقد أنها لا تصلح للرجال، وإنما هي للشباب المستهترين، وهذا سبب المشاكل بينهما دائما، وسبب آخر وهو أن أخي يصلي في مسجد بعيد عن المنزل، وأبي مستغرب هذا الفعل، لماذا يصلي بمسجد بعيد، ويوجد مسجد قريب؟ وأخي يقول: إنه لا يرتاح في المسجد القريب عكس المسجد البعيد. حاولنا إقناعه بالصلاة في المسجد القريب إرضاءً لأبي، ولكن أخي يقول: إن هذا سيكون رياءً، وأنا أريد إقناعه بأن الله أعلم بالنوايا، وأن هذا يعتبر من طلب رضا الوالدين، وليس رياءً.
أرجو من سماحتكم الرد حتى يقرأه أخي، ويعتبر بكلامكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان للأب غرض صحيح في منع الولد من لبس بعض الملابس، أو قصّ الشعر على بعض الهيئات، أو الصلاة في مسجد معين، فالواجب على الولد طاعته في ذلك.

وأمّا إذا كان الولد يلبس ملابس مباحة شرعًا، ويقصّ شعره على وجه غير ممنوع شرعًا، ولا ممجوج عرفًا، ويصلي في المسجد البعيد لغرض صحيح، وكان الأب يمنعه من ذلك لغير مسوّغ، فلا تجب على الولد طاعته في ذلك.

وراجع الفتوى: 257134. والفتوى: 161049.

وقد اختلف أهل العلم في أفضلية الصلاة في مسجد الحي القريب أو المسجد البعيد، وقد سبق لنا ترجيح أفضلية الصلاة في مسجد الحي القريب، وانظر الفتوى: 124518.

ولا ينبغي للولد ترك الصلاة في المسجد القريب بدافع الخوف من الرياء، فهذا وهم، وتلبيس من الشيطان. وراجع الفتوى: 287131.

ونصيحتنا للولد أن يطيع أباه في المعروف، ولا يخالفه فيما يريد، مما لا ضرر عليه فيه، فالإحسان إلى الوالد من أفضل القربات، ومن أعظم أسباب دخول الجنة.

فعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ: مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني