الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقسام السنة ودورها في تفصيل وبيان القرآن

السؤال

كيف قسم الله الصلاة بينه وبين العبد؟
إن القرآن الكريم نزل على النبي (صلى الله عليه وسلم) مشتملاً على جميع الأغراض والأهداف التي بعث من أجلها فى صيغ عامة تحتاج إلى توضيح وتفصيل، بيّن الدور الدي تلعبه السنة فى توضيح وتفصيل أحكام القرآن، مركزاً على ذكر أنواع هذه السنة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثاً غير تمام، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: "الحمد لله رب العالمين" قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: "الرحمن الرحيم" قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: "مالك يوم الدين" قال: مجدني عبدي، وقال مرة فوض إلي عبدي، فإذا قال: "إياك نعبد وإياك نستعين" قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. قال الإمام النووي رحمة الله تعالى: المراد بالصلاة هنا الفاتحة سميت بذلك -أي الصلاة- لأنها لا تصح إلا بها كقوله صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة. ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، قال العلماء: والمراد قسمتها من جهة المعنى، لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار... انتهى. وأما أقسام السنة ودورها في تفصيل وبيان القرآن، فهذا بحث طويل ولا تتسع له الفتوى، ولكن نذكر لك أشياء رئيسة تهتدي بها إلى المقصود، وتعرف من خلالها أوجه بيان السنة للقرآن وارتباطها الوثيق به، فالسنة على ثلاثة أقسام: القسم الأول: تؤكد ما في القرآن وتوضحه، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: بني الإسلام على خمس شهادة إلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان. القسم الثاني: تبين ما في القرآن، وذلك من عدة جوانب: الأول: بيان مجمله، كبيان عدد ركعات الصلاة وما يتبع ذلك، وبيان الحج والعمرة ونحو ذلك. الثاني: تخصيص عامه، كالنص على البيوع المحرمة وإخراجها من قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ. الثالث: تقييد مطلقه، كتقييد قول الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ قيدتها بالثلث فما دون. الرابع: توضيح المشكل، كتوضيح قول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ حين أشكل هذا على الصحابة وشق عليهم، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. فبين لهم أن المراد ظلم الشرك. الخامس: بسط مختصره، كبسط قصة أصحاب الأخدود التي جاءت موجزة في القرآن الكريم. السادس: نسخ بعض أحكامه، كنسخ الوصية للوالدين وعموم الورثة في قوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ. السابع: تُفرع على أصل مقرر في القرآن، كمنع أكل أموال الناس بالباطل، ولو كان عن رضا من الطرفين في العقود المحرمة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]. وبينت السنة أن العقود المحرمة لا تجوز ولو حصل التراضي. القسم الثالث: أن تكون السنة موجبة أو محرمة لحكم سكت القرآن عنه، كإيجاب زكاة الفطر، وكتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وتحريم الذهب والحرير على الرجال وغير ذلك، وما أوردناه هنا ملخص من كتاب موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية لمؤلفه الأمين الصادق الأمين. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني