الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود صلة الأبوين والأشقاء غير المسلمين

السؤال

أرجو إجابتي عن هذا السؤال، جزاكم الله خيرا.
شخص أسلم منذ بضع سنوات، لكن جميع أفراد عائلته بقوا على غير الإسلام. ما هي حدود صلتهم الواجبة؟
هذا الشخص يحاول صلة أمه لكنها تصده، كيف يتصرف معها؟ وهل يأثم إن كف عن محاولة صلتها؟ كيف يجب أن تكون علاقته مع أشقائه غير المسلمين؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنحمد الله تعالى أن هداه للإسلام، ومنَّ عليه به.

وبخصوص والدته التي تصده: فيجب عليه برها وصلتها، والإحسان إليها في المعاملة الظاهرة، حتى وإن حاولت مضايقته، ولا يجوز له قطيعتها والكف عن صلتها بالمعروف، غير أنه لا يجوز له أن يطيعها في معصية الله تعالى.

والجمع بين برها والإحسان إليها، وبين عدم طاعتها في المعصية هو سبيل المنيبين إلى الله، كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ {لقمان:15}.

وقد بوب البخاري في صحيحه: باب صلة الوالد المشرك. وروى بسنده عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: أتتني أمي راغبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: أصلها؟ قال: نعم. قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ. اهـ .

وقال رحمه الله: باب صلة الأخ المشرك. وروى بسنده عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأى عمر حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله ابتع هذه، والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها؟ وقد قلت فيها ما قلت؟! قال: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن لتبيعها أو تكسوها. فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم.

وبخصوص سؤالك عما يجب أن تكون عليه علاقته مع أشقائه غير المسلمين. فنقول إنه تشرع له صلتهم، والإحسان إليهم والهدية لهم ،وزيارتهم؛ لقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}.

كما أن من صلتهم وحقوقهم عليه أن لا يألو جهدا في دعوتهم وهدايتهم للإسلام، لعل الله أن يشرح صدورهم له، فيكون إسلامهم في ديوان حسناته، فقد أخرج الشيخان بسندهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي -رضي الله عنه-: فوالله، لأن يهدي الله بك رجلا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني