الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زيارة من أسلمت والديها غير المسلمين إذا تطلبت خلع الحجاب

السؤال

سؤالي: كنت فتاة مسيحية، وأسلمت الحمد لله. وسافرت بعد إسلامي لدولة أوروبية، ولكن والدي الطاعنين في السن لا يعلمان أنني أسلمت. وأنا أريد السفر لزيارتهما، ولكن المشكلة أنني لا أريد أن يعلما بإسلامي؛ لأن والديَّ لن يتحملا هذا الخبر، ولا أريد أن أسبب سوءا لهما، أو قطيعة بيننا.
فهل يجوز أن أخلع الحجاب مؤقتا لرؤية والديَّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنهنئك على نعمة الله عليك بالهداية للإسلام، وأعظم بها من نعمة، قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {الحجرات:17}.

ومن أهم مقتضيات شكر هذه النعمة، سلوك كل سبيل يعين على الثبات عليها، وشكر الله -عز وجل- بالقلب بالاعتراف بها واستشعارها، وباللسان بالحمد والثناء، وبالجوارح بالعمل بالطاعات، واجتناب المعاصي والمنكرات. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الثبات على الحق حتى الممات.

والحجاب فريضة على المرأة المسلمة، كما ثبت بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، وراجعي في ذلك الفتوى: 63625.

فإذا كان الحجاب فريضة، فلا يجوز للمرأة المسلمة خلعه، أو التفريط فيه. فإذا كانت زيارة والديك بالطريقة التي ترضيهما تستلزم ترك الحجاب حيث يراك من لا يحل له ذلك، أو الصلاة بدون حجاب، فيكون الأمر عندئذ من باب طاعة المخلوق واسترضائه بمعصية الخالق. وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه الشيخان. وقال فيما يرويه الإمام أحمد: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

فالذي ننصحك به أن تصبري، وتتواصلي مع والديك عن طريق وسائل التواصل، فالإيمان أغلى ما يملكه المسلم، ولذلك ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالهجرة، وفراق الأهل والأحباب والتخلي عن الأموال، قال الله سبحانه: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {الأنفال:30}، فخرج مهاجرا. وقال سبحانه عن المهاجرين: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {الحشر:8}. وهم ما كانوا يملكون وسائل يتواصلون من خلالها مع أهليهم، كما هو الحال عندنا الآن.

وإن لم تكوني متزوجة، فننصحك بالبحث عن رجل صالح من المسلمين ليتزوجك، ويعينك على أمر دينك، واستعيني بالثقات من أخواتك المسلمات.

والمرأة يجوز لها شرعا أن تبحث عن الأزواج، بل وأن تعرض نفسها على من ترغب في أن يكون زوجا لها، كما هو مبين في الفتوى: 18430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني