الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رب معصية انقلبت إلى نعمة بالتوبة النصوح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله أما بعد:
كنت السبب في معرفة شاب بفتاة ولكن لم تكن نيتي في ذلك سوءا، ولكن هما قد وقعا في الفاحشة، وذلك عدة مرات ليس مرة أو اثنتين، فهل لحق بي إثم من ذلك؟ علما بأني نادم على ذلك، وليل نهار أدعو الله أن يعفو حيث إني لم -ولله الحمد- أقع بالزنا، فهل بما فعلت أكون قد شاركت في الزنا؟
أرجو الإفادة ولكم جزيل التقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طـه:82]. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]، وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. وبما أنك نادم على ما فعلت أشد الندم وتدعو بالمغفرة ليل نهار، فعسى الله أن يتجاوز عنك، ولكن اعلم أن الذي وقعت فيه معصية وإثم، ولا يمكن أن تبرره بأن نيتك لم تكن سوءا، فأي سوء أشد من أن يسعى المرء في إنشاء علاقة آثمة بين شابين لا يخشيان عاقبة؟! وأي نتيجة يمكن أن تحدث غير الذي وقع؟! إن مجرد الخلوة بين الأجنبي وبين الأجنبية معصية، وأي نظرة من أحدهما إلى محاسن الآخر، وأي ملامسة بينهما، وأي لذة تحصل عن ذلك كلها آثام ومعاص. وكان الأولى بك أن تخشى الله وتخشى عواقب ما اقترفته أنت على نفسك، لا أن تزيد ذنوب الآخرين إلى ذنوبك، وكان الواجب عليك أن تنتهي عن المنكر استجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. كما رواه مسلم وغيره، لا أن تدعو إلى المنكر، وأما الآن، فاثبت على توبتك، فرب معصية انقلبت إلى نعمة على صاحبها بسبب ما أحدثه بعدها من التوبة. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني