الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ظن أن صاحب الدَّين قد أسقط حقه، فهل يحق له التراجع؟

السؤال

كنت أعمل في تصميم دعايات وإعلانات المصارعة الحرة، وكنت أعرف أن هذا المال حرام، وتبت عن ذلك العمل، وكنت أعمل عن بُعد عن طريق الإنترنت، وطريقة العمل أن يرسل العملاء المال لي قبل أن أنجز لهم الإعلان، وقد عرفت أن العمل في المصارعة حرام، ولكن بقي مال أرسله لي أحد العملاء، وقد صرفت ذلك المال، فما الحل؟ وهذا الكلام كان منذ أكثر من سنة، وعندما تحدثت مع صاحب العمل وقتها، وقلت له: إني لن أكمل التصاميم، ولن أستطيع إرسال المال له، فأظنه قال: لا توجد مشكلة، ولكن عندما كلمته هذا العام للتأكد من قوله، ظل يحظرني على الفيسبوك، ويقول: إنه لا يسامحني، وفي نفس الوقت لا يريدني أن أرسل المال له؛ لأنه لا يريد أن يعطيني اسمه الحقيقي، وأظن أنه يقصد أنه لم يسامحني في ترك العمل عنده، وليس في المال؛ لأنني عندما تركته -كما ذكرت- العام الماضي، لم يكن يطالبني بالمال، وإنما كان معظم كلامنا عن ترك العمل، فحاولت أن أفهم إذا كان يريد المال أم لا، ولكنه لم يساعدني أبدًا، فقد يظل يحظرني، وأنا لا أعرف اسمه الحقيقي، فهل معنى حظره المتواصل لي على الفيسبوك أنه لا يريد المال، أم إن المال في ذمتي؟ وهل يجوز إذا عفا عني، أن يرجع في عفوه ويطلب المال؟ أرجو معرفة الحكم، وهل أنا سارق أم لا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دمت أخذت المال من هذا الشخص، ولم تقم بالعمل الذي دفع لك المال من أجله؛ فالواجب عليك أن تردّ ماله إليه، إلاّ إذا تيقنت أنّه قد أسقط لك حقّه؛ ففي هذه الحال؛ لا يجوز له الرجوع في هذا الإسقاط، ولا يلزمك ردّ المال إليه، جاء في شرح مجلة الأحكام: المادة 51: الساقط لا يعود. يعني إذا أسقط شخص حقًّا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها، يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا يعود...

مثال: لو كان لشخص على آخر دين، فأسقطه عن المدين, ثم بدا له رأي، فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل, فلأنه أسقط الدين, وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها, فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين ويطالبه بالدين؛ لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه. انتهى.

أمّا إذا لم تكن على يقين أنّه أسقط هذا الحق -كما هو حالك على ما يظهر-، فعليك ردّ ماله، ولا يكفي أن تكون ظانًّا إسقاطه الحق؛ فالمال قد ثبت في ذمتك بيقين، فلا يسقط إلا بيقين.

وإذا لم تقدر على الوصول إلى هذا الشخص؛ لترد إليه ماله، أو تتحلل منه من حقّه، فتصدق بهذا المال عنه، وراجع الفتوى: 410587.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني