الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين كون اللباس ليس زينة في نفسه، وألا يكون بلون معين

السؤال

يا شيخ أريد الاستفتاء عن معنى ألا يكُون الحجاب زينة في نفسه. إذ كيف أستطيع الجمع بين هذين المعنيين: ألا يكون زينة في نفسه، وأنه لا يشترط له لون؟ وكيف أدري أن كمَّ الألوان الذي أرتدي يندرج تحت الزينة؟ وإذا كانت الملابسِ التي تُرتدى لدى العائلة تنم عن طبقة اجتماعية معينة -ماركات معينة أو طريقة وشي معينة- فإني إن لبِستُ مما سِواها تضايق أهلي، وأهلي يظنون أني بها أفضل من غيرها، أيعني هذا أنها زينة في نفسِها؟ وهل آثَمُ بذلك؟ وهلا أعطيتمونا ضابِطا لذلك؛ مع العلم أنني ألبسُ ما يستوفي الشروط جميعا في الحجاب، وهذا اللبسُ مقبُولٌ عُرفا، كل ما لديَّ من الملابس موشَّى، فهل لبس الألوانِ الهادئة أفضلُ مما سِواها، إن لبستها المرأةُ تورعا، ومزيدا من الستر، لا اعتقادا أن هذه حصرا صفة الحجاب؟ وهل العباءةُ خير مما سِواها، إن تم لبسُها تورعا، لا اعتقادا أن هذه صفة الحجاب؟ وهل السواد والألوان الهادئة في العباءة خيرٌ مما سِواها من الملابِسِ المُوشَّاه التي وصَفتُ آنِفا -إن كانت لهما ذات المواصفات-؟ وهل السواد والبياض خير مما سِواهُما إن كانت المرأة ترتديهما تورعا، دون اعتقاد أن هذه حصرا صِفةُ الحِجاب؟
بارك اللهُ في علمِكُم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى: 6754. أن من شروط جلباب المرأة أن لا يكون زينة في نفسه؛ لقوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ {النور:31}، والمقصود أن لا يكون فيه ما يلفت الأنظار؛ كأن تكون عليه رسومات، أو زخارف، أو ألوان متعددة تعتبر زينة ونحو ذلك، والزينة لا تخفى في عرف الناس.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ألا يكون فيها زينة تلفت إليها الأنظار، وعليه فلا بد أن تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات. اهــ

وهذا الشرط لا يتعارض مع قولنا بأنه لا يشترط في جلباب المرأة أن يكون بلون معين، لأن المعنى أن لها لبس ما تشاء من الألوان بشرط أن لا يكون زينة يلفت الأنظار، وقد كان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبسن الأحمر، والمعصفر من الثياب، ولم تكن تلك الألوان زينة، ولو كانت زينة لن يظهرن فيها بحضرة الرجال.

ففي مصنف ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنه: كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فيراهن في اللحف الحمر.

وفيه أيضا عن ابن أبي مليكة قال: رأيت على أم سلمة درعا وملحفة مصبغتين بالعصفر.

ولا شك أن العباءة التي تلبس فوق الرأس أفضل وأبلغ في الستر من عباءة الكتف، وقد سبق أن بيَّنا في الفتوى: 188681. الفرق بين عباءة الكتف وعباءة الرأس، وما قد يكون في عباءة الكتف من محاذير جعلت بعض العلماء والمعاصرين يفتون بالمنع من لبسها، وأوضحنا فيها أيضا أن هنالك ما يمكن القيام به بحيث تتقى تلك المحاذير؛ لتكون عباءة الكتف ساترة أيضا.

وأما قولك: "وإذا كانت الملابسِ التي تُرتدى لدى العائلة تنم عن طبقة اجتماعية معينة -ماركات معينة أو طريقة وشي معينة-" فكون الملابس ثمينة، أو من ماركة عالمية، هذا بذاته لا يقتضي تحريم لبسها، إذا لم تكن مزخرفة، ولا زينة في نفسها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني