الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من عزم على الكفر، أو عزم على فعل المكفر

السؤال

أشكل عليَّ من فتوى لكُم أن من عزم على فعل المُكفر لم يكفر إلا بفعله. السؤال: لو عزم على ترك الصلاة الترك المطلق الذي يكفر به تارك الصلاة، فهل يكفر بتركه للصلاة الأولى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعزم على الكفر يعد كفرا؛ لأنه منافٍ للإيمان، والعزم على فعل ما يكفر به المرء لا يعتبر كفرا ما لم يفعله.

والعزم المراد به النية الجازمة بأن يكفر غدا مثلا، وأما مجرد الخواطر التي تعرض للمرء، ولا سيما لبعض من لديه شكوك ووساوس تنتابه؛ فلا يؤثر ذلك في صحة الإيمان، بل ذلك من حديث النفس المعفو عنه، والعزم على ترك الصلاة إن كان تكاسلا عنها؛ فلا يكفر المرء به، وأما لو عزم على تركها منكرا لوجوبها؛ فهذا كفر -والعياذ بالله-.

قال الجمل في حاشيته على منهج الطلاب: فإذا عزم على الكفر كَفَرَ حالًا، بخلاف ما لو عزم على فعل المكفر، فلا يكفر إلا بفعله. انتهى

وقال النووي في المنهاج: الردة هي: قطع الإسلام بنية, أو قول كفر, أو فعل، سواء قاله استهزاء, أو عنادًا, أو اعتقادًا, فمن نفى الصانع, أو الرسل, أو كذب رسولًا, أو حلل محرمًا بالإجماع, كالزنا, وعكسه، أو نفى وجوب مجمع عليه, أو عكسه, أو عزم على الكفر غدًا, أو تردد فيه كفر, والفعل المكفر ما تعمده استهزاء صريحًا بالدين, أو جحودًا له, كإلقاء مصحف بقاذورة, وسجود لصنم أو شمس. انتهى.

وفي الفتاوى الهندية: وإذا عزم على الكفر, ولو بعد مائة سنة, يكفر في الحال, كذا في الخلاصة. انتهى.

وننبه هنا على أنه قد يوصف الفعل أو القول بأنه من الكفر، ولا يلزم من ذلك الحكم على فاعله أو قائله بالكفر؛ لأنه قد يوجد مانع ومقتض لعدم تكفيره.

كما أن المبتلى بالوسوسة في هذا الباب يلزمه الإعراض عن الاسترسال في الخواطر المتعلقة به، وما يعرض له فيه لا يؤثر على إيمانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني