الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجعة من قال لزوجته: (أنت مطلقة، أنت مطلقة) ثم أصدر طلاقًا من المحكمة

السؤال

حدث خلاف بيني وبين زوجي أدّى إلى غضبه، فطردني من البيت، فأبيت، وطلبت منه التلفظ بالطلاق أولًا، ففعلها، وقال لي: "أنت مطلقة، فهمت الآن: "أنت مطلقة"، وهذا كان مساء، مع العلم أنه جامعني في نفس اليوم صباحًا، ولم يعلم أن هذا الطلاق بدعي، ولا أعلم إن كان قد وقع إثم أم لا؟
ثم طردني من البيت، وأوصلني إلى بيت أهلي، فمكثت خمسة عشر يومًا، فبعث لي رسالة يسألني إن كنت أريد أن أرجع، وإلا سيدخل للمحكمة لإنهاء العلاقة، وظللنا نتراسل بالهاتف، ثم وافقت على الرجوع، لكني أردت أن أرتاح نفسيًّا قليلًا، لكنه غضب، وإذا برسول من المحكمة يوصل لي الورقة بعد يومين، مع العلم أنه كتب فيها أسباب الخلافات، وما حدث في يوم الطلاق، وطلب من المحكمة النظر لإجراء الطلاق، فاستلمت الورقة، وكنت في أيام الحيض، وهو كان لا يدري أن كتابة الطلاق تحتسب تطليقة، ثم تم الصلح، ورجعنا لبعضنا لمدة 8 أشهر.
وهو الآن في حيرة، ويشك في أن مجموع ما حدث يحتسب ثلاث تطليقات، وأنني بائنة منه رغم إفتاء كثير من الأئمة له أنني لا زلت زوجته، فهل أعدّ زوجته، أم إنني حرام عليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبخصوص قول هذا الزوج لزوجته: (أنت مطلقة، فهمت الآن، أنت مطلقة) إن قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط، وجعل ما بعدها تأكيدًا لها، أو لم ينوِ شيئًا؛ لزمته طلقة واحدة، قال الدسوقي -المالكي- رحمه الله: وتقبل نية التأكيد في المدخول بها، ولو طال ما بين الطلاق الأول والثاني، بخلاف غير المدخول بها. انتهى.

وإن قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الثانية؛ لزمته طلقتان، عند جمهور أهل العلم، انظر الفتوى: 134912.

وبخصوص الطلاق الذي أصدرته المحكمة، إن كان الزوج هو من أوقعه- ولم يحكم به القاضي-، وإنما طلب توثيقه من المحكمة، فهو طلقة رجعية، وانظر الفتوى: 272047.

وعليه؛ فإن كان الزوج قد قصد التأكيد في الطلاق الأول، فتعتبر الطلقة الموثقة عند المحكمة هي الطلقة الثانية، ومن ثم؛ فإن كانت المراجعة الأخيرة حصلت قبل انقضاء العدة، فهي رجعة صحيحة.

أما إذا كان الطلاق قد حكم به القاضي، فإنه يقع بائنًا، إلا في صور قد اختلف فيها أهل العلم، جاء في شرح مختصر خليل، للخرشي: يعني أن كل طلاق حكم الحاكم، أو نائبه بإنشائه، فإنه يكون بائنًا، إلا الطلاق على المولي، والمعسر بالنفقة؛ فإن الطلاق عليهما رجعي. انتهى.

وقد بينا في فتاوى كثيرة أن الطلاق في الحيض نوع من طلاق بدعي محرم، يأثم صاحبه، وأن العلماء قد اختلفوا في وقوعه من عدمه، والمفتى به عندنا أنه يقع، وهو مذهب أكثر العلماء، وانظر الفتويين: 226282، 179889.

وبما أن الأمر فيه تفصيل على نحو ما ذكرنا؛ فعليكما بالرجوع إلى المحكمة لمعرفة نوع الطلاق الذي وقع، والتحقق من صحة الرجعة أو بطلانها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني