الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ادعاء علم الغيب في قضية ما، والحديث عن المستقبل

السؤال

سؤالي هو عن ادعاء علم الغيب، وأنا أعلم أن الله وحده يعلم الغيب سبحانه. سؤالي: متى يكون الشخص مدعيا لعلم الغيب؟
مثال قول: أنت ستخسر في اللعبة على وجه الجزم. رغبه مني بالفوز عليه فقط، وأنا لا أعلم يقينا من سيفوز.
مثال: أبنائي لن يفعلوا كذا وكذا، بصيغه التأكيد وليس التفاؤل، لكن في الحقيقة أنا لا أعلم ذلك، وليس عندي دليل عليه، فأنا لم أنجب بعد.
مثال: قول: أنا متأكدة أنها سترفض؛ لأني أعتقد ذلك بشكل كبير.
فلا أعلم الضابط للحديث عن المستقبل الذي يجوز، والذي يعتبر كذبا، أو شركا.
وأحيانا يشتبه عليّ هل قلته يقينا أو توقعا. فماذا عليّ فعله حتى أتجنب هذا النوع من الوساوس؟
السؤال الثاني: عن قول الأذكار خلال اليوم. مثلا قول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
أحيانا أقول: (لا إله)، ثم أقف، وبعدها بلحظات أكمل باقيها؛ سواء سهوا، أو عمدا. فهل عليّ شيء؟
وما حكم التخمين أو التوقع لإبداء الرأي في موضوع معين إذا كانت بدون دلائل؟
السؤال الأخير: كيف للمبتلى بوساوس الكفر والعقيدة التخلص منها لأنه لا يرتاح حتى يعرف حكم ما قال وما فعل. هل يتوقف عن سؤال أهل العلم حتى لا يفتح لوساوسه الباب؟ أم ماذا؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ضابط ادعاء علم الغيب الذي يكفر به صاحبه: هو ادِّعاء علم الغيب الذي اختص الله بعلمه، بادِّعاء علم الغيب في سائر القضايا، أو ادِّعاء علمه بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله تعالى المذكورة في قوله تعالى: إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان:34}.

جاء في الإعلام بقواطع الإسلام للهيتمي: وعلى كل، فالخواص يجوز أن يعلموا الغيب في قضية، أو قضايا، كما وقع لكثير منهم واشتهر، والذي اختص تعالى به إنما هو علم الجميع، وعلم مفاتح الغيب المشار إليه بقوله تعالى: (إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) الآية. لقمان/34. وينتج من هذا التقرير أن من ادعى علم الغيب في قضية أو قضايا لا يكفر، ومن ادعى علمه في سائر القضايا كفر. اهـ.

ثم إن ادعاء ظن الغيب ليس كفرا، قال ابن نجيم في البحر الرائق: والظاهر أن ادعاء ظن الغيب حرام لا كفر، بخلاف ادعاء العلم. اهـ.

وأما قولك: (فلا أعلم الضابط للحديث عن المستقبل الذي يجوز والذي يعتبر كذبا أو شركا، وماحكم التخمين أو التوقع لإبداء الرأي في موضوع معين إذا كانت بدون دلائل؟) فإن ظن الأمور المستقبلية، والتخمين والتوقع -ولو بلا دلائل- كل ذلك ليس من ادعاء علم الغيب، وليس كذبا ولا شركا، وكل الأمثلة التي ذكرتها لا علاقة لها بادعاء علم الغيب، بل هي اشكالات نابعة من الوسوسة؛ كما هو ظاهر.

وأما قولك: (لا إله) ثم أقف، وبعدها بلحظات أكمل باقيها؛ سواء سهوا أو عمدا. فهل عليّ شيء؟) فلا إثم في الوقف سهوا أو اضطرارا، وأما تعمد مثل هذا الوقف اختيارا، فلا يجوز، وانظري الفتوى: 65172.

وأما علاج الوسوسة في العقيدة: فهي بالإعراض عن الوساوس، وتجاهلها، والتعوذ بالله منها، والسعي في علاجها بمراجعة المختصين النفسيين.

وكثرة السؤال عن الخواطر الوسواسية ينافي التجاهل المطلوب للوساوس، وغالبا ما يؤدي إلى زيادة الوساوس لا علاجها. وراجعي الفتوى: 271810.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني