الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مفهوم حديث: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه.
هناك بعض العلماء قالوا إنه يقصد بالعمل عمل ذلك اليوم. فهل معنى هذا أن التوبة والدعاء والتبريك في ذلك اليوم تحبط، إذا ترك العبد العصر في ذلك اليوم؟
ما هي الأعمال التي تحبط؟ وهل هناك أعمال لا تحبط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تعددت أقوال العلماء في معنى حبوط العمل المراد في حديث: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه. رواه البخاري وغيره. وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى: 221386.

وبينا فيها أن الحافظ ابن حجر رجح أن ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ الشَّدِيدِ، وأن َظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ. بينما رجح ابن القيم أن المقصود حبوط عمل ذلك اليوم.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: حَبِطَ عَمَلُهُ، أَيْ حَبِطَ عَمَلُهُ فِيهَا، فَلَمْ يَحْصُلْ عَلَى أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا، يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا عَمِلَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا فَقَدَ أَجْرَ عَمَلِهَا فِي وَقْتِهَا وَفَضْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. لَا أَنَّهُ حَبِطَ عَمَلُهُ جُمْلَةً فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ أَعُوذُ بِاللَّهِ مَنْ مِثْلِ هَذَا التَّأْوِيلَ؛ فَإِنَّهُ مَذْهَبُ الْخَوَارِجِ. وَإِنَّمَا يُحْبِطُ الْأَعْمَالَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. وَفِي هَذَا النَّصِّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ لَمْ يُحْبَطْ عَمَلُهُ. اهــ.
وإذا كان ما رجحه ابن القيم هو المراد، فإنه لا يختص بحبوط عمل دون آخر، بل يعم كل عمل في ذلك اليوم، سواء كان دعاء أو توبة أو غيرهما.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني