الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من ترى الدم خمسة عشر يوما، ثم ترى صفرة متصلة به

السؤال

عندي سؤال من فضلكم أرجو ان تجيبوني عليه بالتفصيل، فلقد تأزّمت منه جدا. أنا حيضي 15 يوما، لأني لا أجف، ولا تنزل القصة البيضاء. وأحيانا بعد الحيض أرى صفارا، ونادرا جدا أرى لون كدرة، مثل البني. وهذا الصفار يأتي وينقطع بشكل عشوائي. مثلا: يمكن أن ينزل العصر والعشاء، ولا ينزل المغرب، وفي اليوم الذي يليه ينزل العصر، ولكن لا ينزل العشاء، وهكذا.
سؤالي هو: هل هذه صفرة؟ أم إفرازات طبيعية؟ لأني قرأت صفات الصفرة والإفرازات الطبيعية، ولكن أعتقد أن صفة الإفرازات تختلف من فتاة لأخرى، خصوصا إذا كانت بعض الفتيات مصابة بفطريات، أو شيء آخر، يغير لون الإفرازات أو شكلها. فالذي ينزل معي هو لون أصفر أحيانا يكون فاتحا، وأحيانا يكون غامقا، وليس له جسم غالبا، يعني: ليس مثل المذي الذي له جسم. وأيضا بعض الأحيان يكون عليه لمعة.
أكثر ما أفكر به هو أنني بعدما أستنجي وأقف ينزل أثر الماء الذي استنجيت به على بدني، وهذا الماء يلامس ملابسي أيضا، وأخاف أن يكون نجسا، فيتنجس بدني وملابسي. وأنا لا أعلم هل تعتبرونه نجسا أم لا؟ لأني لا أدري إذا كانت هذه تعتبر صفرة أم إفرازات؟ وهل توقفت أم لا؟ ولكن يغلب على ظني أني نظفت المنطقة. وأيضا هل يجب أن ألبس فوطة لكل صلاة؟ ولا تجوز الصلاة بدون ملابس داخلية، وعدم وضع الفوطة؟ وإذا كان يجب أن ألبسها، فهل يجب أن أغيرها كل صلاة؟ خصوصا أن بعض الصلوات لا ينزل شيء في الفوطة. فهل يجب عليّ تغيير الفوطة؛ لأني أحسه إسرافا في الفوط أيضا؟ وأيضا لو رأيت الفوطة، وقد أصابها هذا الصفار هل أغير ملابسي الداخلية إذا شككت هل نزل على الملابس أم لا؟ ولو انتقض وضوئي بسبب شيء آخر غير خروج هذه الصفرة. مثلا: لو انتقض بسبب الريح، هل أغير الفوطة وأستنجي، وأعيد الوضوء؟ أم يكفي أن أتوضأ خصوصا إذا كنت أتوقع بأنها لم تتسخ بعد؟ وإذا توضأت لصلاة، وصليتها، وانتظرت إلى أذان الصلاة الأخرى، هل يجوز لي صلاتها بدون استنجاء ووضوء جديد إذا توقعت أنه لم ينزل شيء بدون أن أرى الفوطة؟ وأود أن أسال عن أني في أيام الحيض وجدت حائلا في أعماق السرة أخرجت بعضه، وحاولت إخراج الباقي، ولكن كان بعيدا وقليلا بالنسبة لي، ولم يخرج. فما تأثير عدم تنظيفه على الاغتسال؛ لأني اغتسلت وهو باق؟
أرجوكم أرجوكم أرجوكم أجيبوني على جميع الأجزاء لأني تعبت من الوسواس، وهذا التفكير، وأصبح الكثير من وقتي يذهب في الوضوء والصلاة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالصفرة نجسة كما بينا ذلك في الفتوى: 178713، وإذا كانت متصلة بالحيض فهي حيض، وإذا رأيت الطهر ثم رأيتها بعد ذلك، فلا تعديها حيضا، وانظري الفتوى: 134502.

وإن كنت ترين الدم خمسة عشر يوما، ثم ترين صفرة متصلة به، فتلك الصفرة ليست حيضا؛ لأنها في زمن لا يمكن اعتباره حيضا، بل أنت -والحال هذه- مستحاضة؛ لأن مدة الدم وما اتصل به من صفرة وكدرة قد تجاوزت خمسة عشر يوما، فإن كانت لك عادة سابقة، فاعملي بها، وإلا فاعملي بالتمييز على ما هو مبين في الفتوى: 156433.

وفي الزمن الذي يعد استحاضة، ومنه زمن الصفرة المتصلة المستمرة جميع الشهر؛ سواء رأيت قبلها طهرا، أو لم تري؛ فإنك تتوضئين لكل صلاة عند الجمهور، وعند المالكية لا ينتقض وضوؤك إلا بالناقض المعتاد، ولا تنقضه تلك الصفرة، ولك أن تعملي بهذا القول؛ لأنه قوي، وأنت -كما ذكرت- موسوسة، وانظري الفتوى: 141250.

وأما التحفظ منها، والاستنجاء من خروجها؛ فإن المالكية يسهلون في هذا الأمر، ولا يوجبون شيئا من ذلك، ولك أن تعملي بمذهبهم ما دمت موسوسة، وانظري الفتوى: 75637.

وبما قررناه يرتفع الإشكال، ويزول الحرج، نعني بعملك بقول المالكية، فلا يلزمك الاستنجاء، ولا التحفظ منها، ولا تنقض وضوءك، وإنما ينقضه الخارج المعتاد.

وإنما أرشدناك لهذا القول لسهولته عليك، وكونك موسوسة، وقد بينا أن الموسوس يعمل بأيسر الأقوال؛ كما في الفتوى: 181305.

وأما سؤالك الثاني؛ فناشئ عن الوسواس، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الوسخ الناشئ عن البدن لا يضر وجوده، ولا يعد حائلا، ومن ثم فغسلك صحيح، وعليك أن تدعي هذه الوساوس، ولا تسترسلي معها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني