الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من اقترض مالا ولم يجد مالا لإرجاعه، وفقد الاتصال بصاحب القرض

السؤال

أشكركم على جهودكم، وعمل الخير مع الجميع.
سؤالي: منذ ثلاث سنوات كنت مغتربا في دولة أخرى، وهناك اقترضت من صديق مالا، وساءت حالتي، ولم أستطع إرجاع الدين له، واضطررت للعودة إلى بلدي؛ لأني مرضت، ولم أستطع العمل. ومنذ عودتي إلى الآن ظروفي صعبة جدا، ولم أستطع جمع المال لأرجعه له، وأمر ثان وهو أني فقدت الاتصال معه؛ لأنه غير رقم هاتفه، ولا أعرف عنه شيئا. فماذا أفعل في هذه الحالة؛ لأني منزعج لهذا الأمر. وأريد أن أوفي الدين. وشكرا لكم جميعا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي عليك؛ أن تتوكل على الله، وتستعين به، وتعزم على سداد الدين الذي عليك متى قدرت على ذلك، وإذا كنت تقدر على العمل والاكتساب وجب عليك ذلك، حتى تؤدي ما عليك.

جاء في كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشيباني: فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين، فالاكتساب بِقدر مَا يقْضِي بِهِ دينه فرض عَلَيْهِ؛ لِأَن قَضَاء الدّين مُسْتَحقّ عَلَيْهِ عينا. انتهى.

وإذا صدقت النية، فسوف تجد الإعانة من الله تعالى؛ فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.

وعليك أن تبذل وسعك في الوصول إلى المقرض حتى تردّ إليه ماله، أو تستحلّه منه. فإن بذلت وسعك وسعيت بكل سبيل للوصول إلى المقرض؛ فلم تصل إليه؛ ففي هذه الحال تتصدق عنه بهذا المال، أو تصرفه في أبواب البر والمصالح العامة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: الْمَالُ إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَالِكِهِ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا كَانَ بِيَدِ الْإِنْسَانِ غصوب، أَوْ عَوَارٍ، أَوْ وَدَائِعُ، أَوْ رُهُونٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِهَا، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُمْ، أَوْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى قَاسِمٍ عَادِلٍ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني