الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إطعام الناس بقصد تحصيل التوفيق في الدراسة، ووضع ورقة فيها طلب الدعاء منهم

السؤال

أنا طالبٌ في الثانوية العامة، وأريد أن أقوم ببعض الأعمال الخيرية؛ بنية التوفيق في الامتحانات، فهل يجوز ذلك؟ وهل يجوز أن أضع التمر، والماء، وبعض الحلويات الصغيرة في المسجد، مع وضع ورقةٍ أطلب فيها من المصلين الدعاء؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك أن تنوي بهذه الأعمال الخيرية التقرب إلى الله، مع نية التوفيق في الامتحانات، وإنما المحذور أن تفعل العبادة من أجل الحصول على غرضٍ دنيويٍّ فقط، من غير التفاتٍ للثواب الأخرويّ، فإن ذلك يعتبر من العمل لأجل الدنيا، كما في الفتويين: 300781، 197723.

وعلى هذا؛ فلا تطعم الناس بقصد تحصيل التوفيق في الدراسة فقط، من غير أن تلتفت للثواب الأخرويّ.

وأما كتابة ورقةٍ ليدعو لك الناس، فذلك داخل في طلب الدعاء من الناس، وهو جائز مشروع، كما بيناه في الفتوى: 18397.

غير أنّ الأولى والأكملَ تركُ طلبِ المتصدِّقِ الدعاءَ من المتصدَّقِ عليه في مثل هذه الحال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى في قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًاـ إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ الْآيَةَ، وَمَنْ طَلَبَ مِنْ الْفُقَرَاءِ الدُّعَاءَ، أَوْ الثَّنَاءَ، خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ، فَادْعُوا لَهُ، حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ـ وَلِهَذَا كَانَتْ عَائِشَةُ إذَا أَرْسَلَتْ إلَى قَوْمٍ بِهَدِيَّةِ، تَقُولُ لِلرَّسُولِ: اسْمَعْ مَا دَعَوْا بِهِ لَنَا؛ حَتَّى نَدْعُوَ لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَوْا، وَيَبْقَى أَجْرُنَا عَلَى اللهِ ـ وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إذَا أَعْطَيْت الْمِسْكِينَ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك، فَقُلْ: بَارَكَ اللهُ عَلَيْك ـ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا أَثَابَك بِالدُّعَاءِ فَادْعُ لَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الدُّعَاءِ، حَتَّى لَا تَكُونَ اعتضت مِنْهُ شَيْئًا، هَذَا، وَالْعَطَاءُ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُمْ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَفَعَنِي مَالٌ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ ـ أَنْفَقَهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، كَمَا أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُ، لَا يَطْلُبُ الْجَزَاءَ مِنْ مَخْلُوقٍ، لَا نَبِيٍّ، وَلَا غَيْرِهِ، لَا بِدُعَاءِ، وَلَا شَفَاعَةٍ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني