الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معيار مشروعية الدعاء على الظالم، وواجب من تجاوز في الدعاء عليه

السؤال

من ثلاث سنوات تقريبا، دعوت الله على بيت أخي زوجي، أن يبعدهم الله عني، وعن بيتي، وأن يصيبهم سوءٌ يلهيهم عني، ودعوت على بنتهم، وأستغفر الله لي، ولهم. والسبب في ذلك الوقت: أنهم أخذو مني كل ما أملك ظلما، وحاولوا تخريب بيتي، وكنت في غضب، ودعوت بهذا الدعاء، وفعلا مثلما دعوت أستجيب بالحرف، والبنت مريضة من ذلك الوقت، وأهلها انشغلوا بها، وكفوا عني، وأستغفر الله، أحس بالذنب والقهر؛ لأني دعوت، وأستغفر الله، كنت في حالة، الله أعلم بها.
وإلى الآن، عندما أراها أحس بالذنب، وأحس أن الله سيعاقبني، وكل يوم أحس بالذنب، لا أعلم ماذا أفعل، وحاولت أن أخبر أهلها بالموضوع، ولكن خفت أن تزيد المشاحنات، والمشاكل.
أريد أن أعرف: هل ارتكبتُ خطأً؟ للعلم كنت في حالة غضب، وقهر، وعندما دعوت ما كنت أنوي إيذاءهم، بل كنت أرجو أن يكفوا عني، وعن بيتي، وزوجي، وعن تدخلهم في حياتي، وفي كل شيء.
أرجو الإفادة، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لي، ويسامحني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن العفو عن الظالم من أفضل القربات، ومن أجل الطاعات، وثمرته لا تقارن بثمرة الانتقام من الظالم، ويمكنك أيضا مطالعة الفتويين التاليتين: 27841 419995. ففيهما بعض النصوص الدالة على فضيلة العفو عن الظالم.

والدعاء على الظالم، وإن كان مشروعا في الجملة، إلا أنه له ضوابطه التي تجب مراعاتها، ومن هذه الضوابط: الدعاء عليه بقدر مظلمته، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتويين التاليتين: 227740 118283. فإذا تجاوزت الحد في أمر الدعاء عليهم، فإنك تكونين ظالمة، وكذلك الحال، فيما إذا قمت بالدعاء على من لم يظلمك منهم، كان هذا اعتداء، وظلما أيضا. فالواجب - حينئذ - التوبة النصوح، وبما أن الغالب أن يترتب على الاستسماح منهم في هذه الحالة الشحناء، والبغضاء، فيكفي الدعاء لهم بخير، كما ذكر بعض أهل العلم.

ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى: 127747.

ومن تاب، تاب الله عليه، فعلى المسلم التائب أن يحسن الظن بربه، ويكون على حذر من اليأس، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وننبه إلى أن الغضب لا يتنافى مع أهلية التكليف، إن كان صاحبه يعي ما يقول.

قال صاحب الإقناع من الحنابلة: والغضبان مكلف حال غضبه بما يصدر منه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني