الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب الابتلاء بالمصائب، وآثار البعد عن الله

السؤال

بحثت كثيرا في النت لأجد من يساعدني وربنا وفقني ووجدت هذا الموقع !
أنا فتاة من عرب 48 ( أو بما يسمى عرب اسرائيل ) ولست بالتحديد ممن يعيش تحت الاحتلال !
أنا فتاة مسلمة لأبوين مسلمين
لم أترب على الدين يمكن القول توجد محافظة نوعا ما لكن الوالدين لم يطبقوا تعاليم الدين ولم أكن مجبورة على صيام رمضان مثلا !!
ترعرت على الحرية وبالنسبة للدين مجرد انتماء لا أكثر ولم أعرف شيئا في الدين !
عند دخولي الجامعة كنت كأي بنت أوروبية بكل معنى الكلمة !! ربما هذا بسبب اختلاطي مع اليهود ! بالنسبة لي لا يوجد عندي حدود لأي شيء
إلى أن وقعت في مصائب تلو المصائب !
في الجامعة تعرفت على شاب أحببته وأحبني والأمر تطور إلى علاقة جنسية كاملة !! وفي إحدى المرات حتى أنني حملت ولكن أجهضت الجنين !!
وفي يوم بدأ يتغير هذا الشاب ( وهو مسلم مثلي ) وإحدى صديقاتي دلتني على يهودية تعمل الحجاب لأجل العشاق والتزويج .. ( للتذكير فقط أن ممارسة الجنس قبل الزواج عندنا عادي )
وللأسف غرني الشيطان وعملت لهذا الشاب حجاب ليعود لي لكنني تركته تركته بعد أن حلمت حلمين في نفس الليلة !!
الأول كان : أنني عمياء ولا أرى جيدا وعندما فسرت الحلم في تفسير ابن سيرين تبين أن التفسير جهل في الدين والابتعاد عن الله
والحلم الآخر صحوت على أذان الصبح بعد هذا الحلم
حلمت في الرسول صلى الله علية وسلم .. وكان وجهه عابس وهو ينظر إلي ورويدا رويدا بدأ يبتسم قلت له أنت الرسول ؟ قال نعم تبسم واختفى !!
فقررت العودة للدين ولربي، لكن لم يكن سهل
بدأت في الصلاة من رمضان الفائت لكن إلى اليوم لم أصل مع قلب يرتعش أشعر أنه مجرد واجب أؤديه وانتهي ولا أشعر أنني بين يدي ربنا هذا عدا أنني أحيانا أنسى ما أتلوه أو أنسى عدد الركعات أو أنسى ما أقول عند السجود
لكن ما يزعجني أنني حتى لما رجعت لربي طلب هذا الشاب مقابلتي ولم أرفض لأنني كنت مشتاقة له ومرة أخرى نمت معه
ليلتها لم أعرف أنام وعذاب الضمير أكلني والبكاء الندم حرق خدودي !!
أنا لي شهر تاركة الصلاة ولست قادرة على أن أصلي أحب أن أصلي لكنني لست قادرة
نفسيتي تعبانةأريد أن أرضي ربي ولكن لا أعرف كيف !!
ويبدو أن عقاب ربي طالني أنا غارقة في الديون بسبب تعليمي وحتى البنك يدق الباب ولا يرحمني !!
يائسة ولا أعرف كيف أنهض على قدمي كيف أقوي إيماني
أنا صحيح لا أصلي الآن لكني أنا كل لحظة أدعو ربي وكل لحظة أذكره مع ذلك لا أقدر على أن أصلي !! كل ما أجي أصلي أشعر أن الهم سيخنقني وكأن صخرة على صدري لا أستطيع التنفس أرجو الرد على مشكلتي وهل ربنا غفر لي ذنبي رغم أنني أعدت الفاحشة مرة أخرى !!
وبالنسبة للجنين الذي أجهضت ماذا يمكن أن أعمل حتى ربنا يغفر لي !! الرجاء الرد سريعا فأنا لا أنام الليل أبداً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نشكرك على اهتمامك بموقعنا ونسأل الله تعالى أن يهديك إلى الحق ويثبتك عليه.

ثم اعلمي وفقك الله تعالى، أن ترك الصلاة واقتراف الزنا وإجهاض الحمل وإتيان الساحر أمور كلها في غاية الحرمة، لأنها من أعظم الكبائر التي توعد المولى جل جلاله أصحابها بالوعيد الشديد يوم القيامة إذا لم يتوبوا, ففي شأن المضيع للصلاة يقول الله تعالى : [فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا إِلَّا مَنْ تَابَ] (مريم:60)

وقوله : [فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ](الماعون:5)

وإذا كان هذا جزاء المتهاون، فما بالك بالتارك، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل تضييع الصلاة كفرا حيث قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأصحاب السنن . ويقول صلى الله عليه وسلم : من ترك الصلاة متعمدا برئت منه ذمة الله ورسوله.

أما الزنا فهو من قبائح الذنوب، وقد قرن الله بين فاعله وصاحب الشرك بقوله: [وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً](الفرقان:69)

وفي كيفية هذا العذاب ورد قوله صلى الله عليه وسلم من حديث سمرة من جندب، وفيه: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسلفه واسع يتوقد تحته نارا، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا وإذا أخمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة.

وفي لفظ: وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا. وفي آخر الحديث سأل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. رواه البخاري.

ولا شك أن الذنوب سبب قوي ومباشر لما يحل بالانسان من المصائب والقلاقل وضيق الصدر والاكتئاب أو ما شابه ذلك، ومصداق ذلك قول الحق سبحانه: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] (الشورى:30)

وقوله: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] (طـه:124)

وعلى هذا؛ فالواجب عليك أيتها الأخت أن تبادري إلى التوبة النصوح، وهي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات منه وعقد العزم الأكيد على عدم العود اليه. واعلمي أن الله تعالى بمنه وكرمه وعد التائب الصادق بقبول توبته وبمحو ذنوبه بالغة ما بلغت، فقال سبحانه: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ](الزمر:53)

بل إن من عظيم فضل الله وإحسانه على عباده أنه وعد التائبين بتبديل سيئاتهم حسنات كما قال سبحانه: [ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً] (الفرقان: 70)

وروى الترمذي عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأ تيتك بقرابها مغفرة، فاقبلي على ربك وتقربي إليه بالأعمال الصالحة فإنه القائل: [وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً] (طـه: 82) . وقال سبحانه: [إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ](هود: 114). واعلمي أنك إن فعلت ذلك أذهب الله عنك كل ضيق وعشت في دنياك عيشة طيبة وسعادة هنية، وإن مت كنت مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ومما يقوي التوبة كثرة ذكر الله تعالى والتزام طاعته والبعد عن معاصيه ومصاحبة الخيِّرات ومجانبة أهل الشر والعصيان فهم شر مستطير، وبخصوص ذلك الشاب الذي ذكرت فيجب عليك قطع الصلة به تماما كما هو الحال مع جميع الرجال الأجانب، وأخيرا نؤكد عليك بالمبادرة بالتوبة إلى الله عزوجل قبل مفاجأة الموت على هذه الحالة المشينة.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني