الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فإني أريد أن أعرف حكم من لا يتطهر من الجنابة مع علمه بأنه غير طاهر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أوجب الله تعالى في كتابه الاغتسال من الجنابة، فقال سبحانه: وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ [المائدة:6]، وجعل التيمم بديلاً عن الاغتسال في حالة عدم وجود الماء أو العجز عن استعماله لسبب شرعي، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:43]، وقد ورد الوعيد الشديد في حق من لا يتطهر من الجنابة، ففي معجم الطبراني الأوسط عن أنس مرفوعا: ثلاث من حفظهن فهو ولي حقاً، ومن ضيعهن فهو عدو حقاً: الصلاة والصيام والجنابة.

قال في شرح الزرقاني على الموطأ: والمراد بكون المضيع عدو الله أنه يعاقبه ويذله ويهينه إن لم يدركه العفو، فإن ضيع ذلك جاحداً فهو كافر فتكون العداوة على بابها. انتهى.

والذي لا يتطهر من الجنابة إن كان منكراً لوجوب الطهارة من الجنابة فهو كافر، قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح: وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن الصلوات الخمس فرض على كل أحد، وأن الوضوء من الحدث والاغتسال من الجنابة فرض لا يصلي إلا به مع القدرة، ولا يتيمم مع القدرة، فمن أنكر وجوب ذلك فهو كافر باتفاق المسلمين.

وقال الشنقيطي في أضواء البيان: أجمع العلماء على أن تارك الصلاة، الجاحد لوجوبها كافر، وأنه يقتل كفراً ما لم يتب، والظاهر أن ترك ما لا تصح الصلاة دونه كالوضوء وغسل الجنابة كتركها، وجحد وجوبه كجحد وجوبها. انتهى.

وأما إن ترك الطهارة من الجنابة ولم يكن جاحداً ولا منكراً لوجوبها فهو آثم ومستحق للعقوبة، واختلف في كفره، فقد سئل شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى: عن غسل الجنابة هل هو فرض أم لا؟ وهل يجوز لأحد الصلاة جنباً ولا يعيد؟ فأجاب: الطهارة من الجنابة فرض ليس لأحد أن يصلي جنبا ولا محدثا حتى يتطهر، ومن صلى بغير طهارة شرعية مستحلا لذلك فهو كافر، ولو لم يستحل ذلك فقد اختلف في كفره، وهو مستحق للعقوبة الغليظة، لكن إن كان قادراً على الاغتسال بالماء اغتسل، وإن كان عادما للماء ويخاف الضرر باستعماله بمرض أو خوف برد تيمم وصلى، وإن تعذر الغسل والتيمم صلى بلا غسل ولا تيمم في أظهر أقوال العلماء ولا إعادة عليه. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ويحرم على الجنب الصلاة والطواف ومس المصحف وقراءة القرآن والمكث في المسجد حتى يغتسل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني