الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أسباب الخلاف بين أهل العلم في الفروع الفقهية

السؤال

يقول الإمام الألباني بوجوب عدة أمور في الصلاة -مثل التعوّذ من الأربع بعد الصلوات الإبراهيمية -والصلوات الإبراهيمية نفسها -وكذلك التشهد والجلوس له -حتى كيفية الجلسة -وكذلك كيفية الرّكوع بأدقّ تفاصيلها -وقول سمع الله لمن حمده -وقول ربنا لك الحمد -وتكبيرات الانتقال -وكيفية السّجود -واتخاذ السترة -والدّنوّ منها -ودفع المارّ بين الذي اتخذ سترة. وكل ذلك واجب عنده، وذلك لثبوت الأمر بذلك من الكتاب والسنّة.
غير أنّ أغلب هذه الأمور عند كثير من العلماء الآخرين هي مستحبة، أو سنّة. فهل أصل الاختلاف في هذه المسألة هو اختلاف في الأصول؟ وإن كان كذلك فما هو هذا الاختلاف؟ وما هو القول الرّاجح؟ ولماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخلاف بين أهل العلم في هذه الفروع الفقهية قديم، والألباني أخذ بأحد أقوالهم أو ملفق بينها باجتهاد منه -رحمه الله تعالى-، ونحن في الحقيقة لم نقف على أقواله في كل المسائل المطروحة، وعلى سبيل المثال التعوذ من عذاب القبر ومن عذاب جهنم.. بعد التشهد الثاني، قال بوجوبه طاووس والظاهرية، وقال ابن حزم بوجوبه حتى في التشهد الأول، وأما جماهير أهل العلم ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة المحفوظة المشهورة فيرون عدم وجوبه، وهو الذي نأخذ به.

وتفصيل كلام العلماء في كل الفروع التي طرحتها يطول، ولكن نذكر لك مذهبًا واحدًا في هذه المسائل، وهو مذهب الشافعية -رحمهم الله-، وهو من المذاهب السائدة في بلادكم الأردن، والعمل به صحيح لغير المتأهل من العلماء للنظر في الأدلة والترجيح بينها، وقد ذهبوا إلى سنية الصلاة على آل محمد وإبراهيم وآله في التشهد الثاني دون الأول، وقيل تجب في الثاني، كما في "مغني المحتاج" للشربيني.

وأما التشهد الأول والجلوس له؛ فهما من أبعاض الصلاة، ويعني ذلك عندهم أنه دون الواجب وفوق السنة، ويجبر تركه بسجود السهو، سواء ترك عمدًا أو سهوًا.

وأما التشهد الثاني، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والجلوس لهما؛ ففروض، لا تصح الصلاة إلا بها.

وأما الجلوس للتشهد؛ فلا تجب له جلسة معينة، وإن كانت السنة أن ينصب القدم اليمنى ويفرش اليسرى، ويجلس عليها في التشهد الأول، وأما في الثاني فيتورك، وصفته: أن ينصب المصلي رجله اليمنى ويضع بطون أطراف أصابعه على الأرض ورؤوسها للقبلة، ويخرج يسراه من جهة يمينه، ويلصق وركه بالأرض، وكذا إليته اليسرى.

وأما الركوع؛ فحقيقته أن ينحني المصلي بحيث يمكنه وضع بطن كفيه على ركبتيه.

وأما قول سمع الله لمن حمده وهكذا سائر تكبيرات الانتقال؛ فسنة، وكذا قول ربنا لك الحمد للإمام والمأموم والمنفرد.

وأما كيفية السجود؛ فهي أن يكون على سبعة أعظم: الجبهة، والأنف، واليدان، والركبتان، وبطون القدمين.

وأما السترة والدنو منها، ودفع المار؛ فمستحبات.

وأما سبب الاختلاف فيها، فراجع إلى اختلاف أفهام العلماء فيما يقتضيه الدليل، كالأمر -مثلا- هل هو للوجوب أو للندب، ونحو ذلك، وكيفية إعمال القواعد الفقهية والأصولية ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني