الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السر في عودة بصر يعقوب بعد إلقاء قميص يوسف على وجهه

السؤال

هناك أمر يثيرني عند قراءة سورة يوسف لما فيها من دروس وحكم وعلم واسع، خاصة الآية رقم (93) {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين}. فهذه الآية تثير في نفسي تساؤلاً كبيرًا وهو: ترى ما الذي يمكن أن يكون في قميص يوسف -عليه السلام- حتى يحدث هذا الشفاء؟ أهو معجزة أيد بها الله نبيه يوسف عليه السلام؟ أم هو نوع من الإعجاز العلمي الذي يزخر به كتاب الله العزيز؟
ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قصص القرآن الكريم كلها دروس وعظات وعبر وحكم ... كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ {يوسف: 111}. والسعيد من وفقه الله -تعالى- للتدبر في معاني كلامه والاعتبار بما فيه.

وقد تناقلت كتب التفسير عن أنس، وابن عباس، وربما رفعه بعضهم من طريق ابن أبي حاتم .. أن قميص يوسف الذي أرسله إلى يعقوب -عليهما السلام- من الجنة، وهذا هو السر في أن يعقوب ارتد بصيرًا من ساعته.

وخلاصة القصة التي ذكروها: أن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار عاريًا، نزل إليه جبريل بقميص وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص، وأجلسه على الطنفسة، وبقي القميص عند إبراهيم حتى كساه إسحاق، وكساه إسحاق يعقوب، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة من حديد أو فضة وعلقه في عنق يوسف لما كان يخشى عليه من العين، فأخبر جبريل يوسف أن يرسل به إلى يعقوب ليعود إليه بصره لما فيه من ريح الجنة؛ لأن ريح الجنة لا يقع على مريض إلا شفي ولا مبتلى إلا عوفي.

وقد عقب العلامة محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير على هذه الرواية بقوله: وَمِنَ ‌الْبَعِيدِ ‌مَا ‌قِيلَ: ‌إِنَّ ‌الْقَمِيصَ كَانَ قَمِيصَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مَعَ أَنَّ قَمِيصَ يُوسُفَ قَدْ جَاءَ بِهِ إِخْوَتُهُ إِلَى أَبِيهِمْ حِينَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِدَمٍ كَذِب...

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ جَعَلَ إِرْسَالَ ‌قَمِيصِهِ ‌عَلَامَةً عَلَى صِدْقِ إِخْوَتِهِ فِيمَا يُبَلِّغُونَهُ إِلَى أَبِيهِمْ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ عليه السلام بِجَلْبِهِ...

وأما كونه يأت بصيرًا فحصل ليوسف -عليه السلام- بالوحي، فبشرهم به من ذلك الحين.

وعلى هذا؛ فحصول الشفاء ليعقوب بالقميص كان كرامة من الله -تعالى- على يوسف، وبشارة له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني