الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلاف أقوال العلماء في مدة الجمع والقصر.

السؤال

أريد أن أسال عن الصلاة في السفر؟ ماهي المدة المسموح بالقصر والجمع فيها؟ وإذا كنت طالبة والمحاضرات تكون وقت الصلاة..فهل يحق لي القصر والجمع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن هذه المسألة -أعني مسألة تحديد المدة المسموح للمسافر فيها بالقصر وما يتعلق به- من المسائل التي لم يرد فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلذلك اختلفت فيها أقوال العلماء فمنهم من يرى أن المسافر إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام فإنه ينقطع حكم السفر في حقه ويلزمه الإتمام وهذا هو رأي الحنابلة، ودليلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم: " قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد، الرابع من ذي الحجة وأقام فيها الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء وخرج يوم الخميس إلى منى، فأقام -صلى الله عليه وسلم- في مكة أربعة أيام يقصر الصلاة. الحديث متفق عليه، ومنهم من يرى -وهو الإمام مالك والإمام الشافعي- أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام لزمه الإتمام.
كما ذهب الأحناف إلى أنه إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً أتم صلاته. وذهب شيخ الإسلام إلى أن المسافر ما لم ينو الاستيطان أو الإقامة المطلقة فإن أحكام السفر لا تزال منسحبة عليه نوى إقامة أربعة أيام أو أقل أو أكثر، وذلك لعموم الأدلة الدالة على ثبوت الرخصة للمسافر بدون تحديد، إذ لم يرد تحديد من الله تعالى ولا رسوله للمدة التي ينقطع حكم السفر بها.
والإقامة المطلقة هي أن يأتي طالب العلم أو التاجر إلى بلد فيجد فيه ما يطلبه من العلم والتجارة فينوي فيه إقامة غير مقيدة بزمن ولا عمل فهذه هي الإقامة المطلقة التي تقطع حكم السفر،وعلى هذا فإن المسافر إذا قدم على بلد غير بلده ونوى الاستيطان فيه أو الإقامة المطلقة فإنه يتم صلاته ولا يجوز له القصر ولا الجمع بحجة السفر، أما إذا لم ينو الاستيطان ولا الإقامة المطلقة فهو في حكم المسافر يجوز له القصر والجمع، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام مدداً مختلفة يقصر فيها، فأقام في تبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، أخرجه الإمام أحمد وأبو داود.
وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، أخرجه البخاري. ومن جاز له القصر جاز له الجمع بين مشتركتي الوقت: الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء ولو كان نازلاً في قول أكثر أهل العلم، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع في غزوة تبوك وهو نازل، رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل.
وعليه فمن كان في حكم المسافر جاز له القصر والجمع ولو لم يكن مسافراً بالفعل، ومن لم يكن في حكم المسافر كالمستوطن والمقيم إقامة تقطع حكم السفر فلا يجوز له القصر ولا الجمع من أجل حضور المحاضرات أو الدروس العلمية أو غيرها وننبه إلى شيئ وهو أن الراجح عندنا من هذه الأقوال القول الأول.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني