الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخدام المسبحة لعدِّ الذكر

السؤال

هل يجوز استخدام السبحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فإنه لاحرج -إن شاء الله- في استعمال المسبحة، وإن كان الأفضل التسبيح بالأصابع.

فقد روى أبو داود -واللفظ له- والترمذي عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌عَلَى ‌امْرَأَةٍ ‌وَبَيْنَ ‌يَدَيْهَا ‌نَوًى -أَوْ حَصًى- تُسَبِّحُ بِهِ، فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا -أَوْ أَفْضَلُ-»، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ» وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

فدلها النبي صلى الله عليه وسلم على الأفضل، ولم ينهها عن التسبيح بما تعد به من نوى أو حصى، ولو كان التسبيح بذلك غير مشروع لنهاها عنه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَعَدُّ التَّسْبِيحِ بِالْأَصَابِعِ سُنَّةٌ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: سَبِّحْنَ وَاعْقِدْنَ بِالْأَصَابِعِ؛ فَإِنَّهُنَّ مَسْؤولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ.

‌وَأَمَّا ‌عَدُّهُ ‌بِالنَّوَى ‌وَالْحَصَى وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَحَسَنٌ. وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَقَدْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُسَبِّحُ بِالْحَصَى، وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ. وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُسَبِّحُ بِهِ.

وَأَمَّا التَّسْبِيحُ بِمَا يُجْعَلُ فِي نِظَامٍ مِن الْخَرَزِ وَنَحْوِهِ، فَمِن النَّاسِ مَنْ كَرِهَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ. وَإِذَا أُحْسِنَتْ فِيهِ النِّيَّةُ؛ فَهُوَ حَسَنٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

وَأَمَّا اتِّخَاذُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، أَوْ إظْهَارُهُ لِلنَّاسِ مِثْلُ تَعْلِيقِهِ فِي الْعُنُقِ، أَوْ جَعْلِهِ كَالسُّوَارِ فِي الْيَدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا إمَّا رِيَاءٌ لِلنَّاسِ، أَوْ مَظِنَّةُ الْمُرَاءَاةِ وَمُشَابَهَةِ الْمُرَائِينَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ: الْأَوَّلُ مُحَرَّمٌ، وَالثَّانِي أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الْكَرَاهَةُ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني