الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى (كان) في قوله تعالى (من كان في المهد صبيا)

السؤال

لماذا قال الله عز وجل في سورة مريم (من كان فى المهد صبيا )ولم يقل من هو في المهد صبيا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف المفسرون وأرباب اللغة في تخريج ذلك وورود كان فيه ومعناها، فقال ابن كثير معنى ذلك: أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره كيف يتكلم؟ . وقال الطبري: وكان في قوله: مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً. معناها التمام لا التي تقتضي الخبر وذلك شبيه المعنى بكان التي قي قوله: هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً. وإنما معنى ذلك: هل أنا إلا بشر رسول؟ وهل وجدت أو بعثت وكما قال: زهير بن أبي سلمى:

زجرت عليه حرة أرحبية ... وقد كان لون الليل مثل الأرندج.

بمعنى: وقد صار أو وجد وقيل: إنه عني بالمهد في هذا الموضع: حجر أمه. وذكر بعضهم أنها زائدة للتوكيد كقول الشاعر( وجيران لنا كانوا كرام). وقيل هي كان التامة بمعنى وجد أو حدث ونحوه. وفي فتح القدير قال ابن الأنباري: لا يجوز أن يقال زائدة وقد نصبت ( صبيا)... ولا أن يقال (كان) بمعنى حدث لأنها لو كانت بمعنى الحدوث والوقوع لاستغني فيه عن الخبر تقول: كان الحر وتكتفي به والصحيح أن ( من ) في معنى الجزاء و(كان ) بمعنى يكن والتقدير: من يكن في المهد صبيا فكيف نكلمه؟! كما تقول: كيف أعطي من كان لا يقبل عطية أي من يكن لا يقبل والماضي قد يذكر بمعنى المستقبل في الجزاء كقوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ {الفرقان: 10}. أي إن يشأ يجعل وتقول: من كان إلي منه إحسان كان إليه مني مثله أي من يكن منه إلى إحسان يكن إليه مني مثله. انتهى منه بتصرف قليل. ومهما يكن من أمر فاللفظ قد جرى على سنن لغة العرب لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين فأحيانا يستعملون كان ناقصة تفيد اتصاف المخبر عنه بالخبر في الزمن الماضي، وأحيانا يستعملونها تامة بمعنى وجد أو حصل، وأحيانا يستعملونها زائدة، وقد ذكر العلماء شواهد ذلك من لغتهم كما بينا. ولا شك أن الأسلوب الذى جاء به القرآن أبلغ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني