الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخذ من الزكاة بوصفك غارما وفقيرا؛ لا بوصفك عاملا عليها

السؤال

السادة أصحاب الفضيلة: أتقدم إلى حضراتكم بسؤالي التالي والمركب، وهو هل يجوز لي الاستفادة من مال الزكاة؟ مع العلم بأني أقوم بجمع الزكاة منذ اجتياح مخيم جنين، وحين باشرت ذلك أخذ بعض أهل الخير بإرسال زكواتهم وصدقاتهم إلي لكي أوصلها إلى من يقوم على إرسالها إلى فلسطين بنية أنها أي هذه الأموال سترسل إلى هناك، مع ذكر أن المنفق الأساسي الوحيد الآن كان قد قال لي ولعلمه بحالي أني أرسل منها وأحتفظ منها وكان ذلك في المرة الأولى أو الثانية ، ولكني والله لم آخذ منها درهما واحدا وإلى الآن، هذا إذا علمتم أني لا أقيم في بلدي وأعتمد بشكل مطلق في معيشتي على المنحة الضمانية المعطاة لي وعائلتي التي تبلغ تسعة أنفس حيث أقيم كلاجئ في واحدة من البلاد الأوربية ولكبر سني وللعلل التي بي ترفض سلطات البلدية تأهيلي للعمل ولم أجد عملا يناسبني أعتاش منه لأستغني عن تلك المعونة ،مع العلم أن القوانين هنا تمنع العمل غير الرسمي – الأسود - ( هذا العمل يكون بحانب الحصول على الإعانة، وتسمح فقط عند إيقاف هذه الإعانة وفور حصولك عليه ) ولم أستطع الاعتماد على نفسي في عمل حر بسبب الحاجة إلى رأس المال، وبعد تبدل الحال منذ 11 سبتمبر والتضييق المتجدد أصبحت مضطرا للعودة إلى بلادي أنا وعائلتي الأمر الذي جعلني في حاجة ماسة لمبلغ من المال أأسس به للاستقرار حيث إني في بلدي لا أملك بيتا ولا عملا ولا سيارة ولا أي شيء فقد بعت كل شيء قبل خروحنا، فقدت مصدر معيشتي، سواء قطعة أرض بمساحة بناء بيت والتي أنوي بناء بيت عليها، وكنت قد وفرت مبلغا من هذه المنحة خلال السنوات الماضية باشرت به فعلا في بناء هذا البيت ولكنه من المستحيل أن يتم لي هذا البيت فضلا عن أن يؤسس لي عمل أعتاش منه إذا رجعت للاستقرار فيه، وإذا بقي الحال والاعتماد على المنحة فقط ربما أحتاج من الوقت إلى سنين عديدة ربما تجاوزت العشرة، وعند ذكر ذلك يبرز لي سؤال آخر هو هل يجوز لي أخذها كدين وأسددها على أقساط مما أوفره من مال حيث إني في البناء أحتاج إلى المبلغ الكبير وذلك لسباق الزمن الأمر الذي لا يفي به التوفير هذا مع العلم بأني مدان بمبلغ كبير لزوجتي وأناس آخرين، هذا السؤال ومنكم الإجابة أفتوني بارك الله فيكم فإني في حيرة وضغط نفسي خاصة وأني جربت ورجعت ببناتي وزوجتي الصيف الماضي وعانيت الأمرين بسبب عدم وجود أي سكن يأوينا ولفترة مؤقتة فكيف به على الدوام فقد قام الأهل بفتح بيوتهم لنا في السنة التي قبلها أما هذه السنة وجدت الأمر قد اختلف حيث إن أمي كانت قد توفيت قبل رجوعنا وأبي تزوج امرأة ثانية وهي التي في البيت وبالله التوفيق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصحيح أن العامل على جمع الزكاة هو واحد من الأصناف الذين تصرف إليهم الزكاة، قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{التوبة:60} .... وقال ابن قدامة في المغني: مسألة; قال: (والعاملين على الزكاة وهم الجباة لها والحافظون لها) يعني العاملين على الزكاة وهم الصنف الثالث من أصناف الزكاة وهم السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذها من أربابها وجمعها وحفظها ونقلها ومن يعينهم ممن يسوقها ويرعاها ويحملها, وكذلك الحاسب والكاتب والكيال والوزان والعداد وكل من يحتاج إليه فيها فإنه يعطى أجرته منها; لأن ذلك من مؤنتها, فهو كعلفها...

ولكن جمعك للزكاة منذ اجتياح المخيم المذكور لا يجعلك من العاملين عليها الذين يستحقون سهما فيها، إذ شرط اعتبار الشخص من العاملين على جمع الزكاة أن يكون معينا في ذلك المنصب من حاكم البلد أو نائبه. قال السرخسي في المبسوط: والعاملين عليها, وهم الذين يستعملهم الإمام على جمع الصدقات.

وفي الموسوعة الفقهية: وعمل الجابي إنما يكون في الأموال التي ولاه الإمام جبايتها.

ولكنك ذكرت أنك في بلدك الذي عدت إليه لا تملك بيتا ولا عملا ولا سيارة ولا أي شيء... إلى آخر التفاصيل التي بينتها عن حالك، وإذا كان الأمر كذلك؛ فإنك تعتبر فقيرا أو مسكينا وكلاهما مستحق لأن تصرف إليه الزكاة؛ كما ورد في الآية الكريمة.

ثم إنك ذكرك أنك مدان بمبلغ كبير لزوجتك ولأناس آخرين، وهذا يجعلك أيضا مصرفا للزكاة؛ لقول الله تعالى في الآية التي سبقت الإشارة إليها: والغارمين.

وبناء على ما ذكر، فإن من حقك الحصول على شيء من الزكاة بوصف الفقر والمسكنة أو بوصفك غارما.

وأما وصفك عاملا على الزكاة فليس من حقك الأخذ به.

ثم إنه يشترط في كل هذا أن تكون من ساكني البلد الذي جبيت الزكاة باسمه، فأنت وكيل عن ملاك المال وهم دفعوه لك على أساس إيصاله إلى المحتاجين من أهل بلد معين، فإذا لم ينطبق عليك الوصف انطباقا تاما لم يجز لك الأخذ، فتنبه لهذا واحذر من أن يستزلك الشيطان فتأخذ ما ليس لك بحق .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني