الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على موقعكم الجميل، ومساعدتكم للناس، بارك الله فيكم.

أنا شاب لم أكن ملتزما، ومنذ ثلاثة أشهر قررت الالتزام والصلاة والابتعاد عن المعاصي، استمررت فترة ملتزما وأصلي الصلوات وأقرأ القرآن، ولكن في يوم فجأة كنت في الحمام وخطرت على نفسي كلمة كبيرة سب الله -والعياذ بالله-، ودخلت في حالة نفسية سيئة، لا أكل ولا نوم وحيرة وارتباك.

والآن أنا محافظ على الصلوات وقراءة سورة البقرة كل يوم تقريبا، والله أني أشعر بأني قد جننت لا أستطيع صرفها عن بالي، وأشعر أن صلاتي هباء منثورا، وأجاهد نفسي على صرفها، والله يعلم أني لا أنام، وأشعر أن الدنيا مظلمة وسوداء.

أرجو منكم النصح والحلول، بارك الله فيكم، وشكرا للقائمين على الموقع، ووفقكم الله عز وجل لما يحب ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غالي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى: نحمد الله سبحانه الذي وفقك للتوبة والاستقامة على أمر الله سبحانه، ووفقك لأداء الصلاة وتلاوة القرآن، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله أراد بك خيرا.

من علامة التوبة النصوح عدم العودة إلى الذنوب والمعاصي مرة أخرى، وعليك أن تعمل بالأسباب التي تعينك على الثبات، ومنها الابتعاد عن رفقاء السوء، واتخاذ الأصدقاء الصالحين الذين يدلونك على الخير ويعينونك عليه.

أكثر من نوافل الصلاة والصوم ومن تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فذلك مما يعينك على الثبات بإذن الله تعالى.

لقد كان الشيطان فرحا بما أنت عليه من البعد عن الله، ولا شك أنه غضب غضبا شديدا من توبتك ورجوعك إلى ربك، ولذلك أتاك وأنت في الحمام وأجال في عقلك ذلك الكلام، وهذا من وساوسه وليس من كلامك أنت، ولهذا فأنت غير مؤاخذ على ذلك، لأنه حديث نفس من الشيطان الرجيم.

أوصيك أن تنسى أو تتناسى هذا الوسواس وتحتقره ولا تسترسل معه أو تحاوره، لأن التفكير فيه والاسترسال أو التحاور معه سيدخلك في دوامة لن تخرج منها، والتفكر فيه أو التحاور معه علامة ضعف منك أمام الشيطان ووساوسه، فسيبقى يذكرك بذلك من أجل أن يربك عليك حياتك، ولعله ينقلك من وسواس إلى آخر طالما وأنت تتقبل وساوسه.

اعرض عن هذا الوسواس وغيره فور وروده عليك، واقطع التحاور معه واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن فعلت انتصرت على الشيطان وخنس منك.

أكثر من ذكر الله تعالى وحافظ على أذكار اليوم والليلة، لأن الشيطان جاثم على القلب، فإن ذكر الإنسان ربه خنس وإن غفل وسوس، هكذا قال سيدنا ابن عباس رضوان الله عليه.

لا تنس أذكار الدخول والخروج من الحمام، واحذر من طول البقاء داخل الحمام، وبمجرد قضاء حاجتك استنج واخرج.

لا تجلس وحدك في غرفة مستقلة، وعش مع أفراد أسرتك، فإن الانفراد مدعاة لتوارد الوساوس والعياذ بالله تعالى.

الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يصرف عنك هذا الشيطان الرجيم ووساوسه، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن