الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس التشهد تهاجمني في كل وقت.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

بداية أشكركم على مجهوداتكم، وفقكم الله ونفع بكم.

لقد تلقيت فتوى من طرفكم، وظهر أن لدي وسواس الكفر، وغالب مشكلتي هي ليس في الاعتقاد، بل في النطق والتلفظ؛ حيث إنني عندما أنطق أو أتلفظ بأي كلام يحتمل، ولو قليلا، أشك في نفسي ويراودني الوسواس، ثم أذهب وأتشهد، ثم بعدها أشك، هل تشهدت أم لا، ثم أكرر التشهد.

مرت علي عدة وساوس، وتخلصت منها، وبقي شيء يسير، لكن هذا الوسواس جديد علي منذ أن سمعت محاضرة، وأنا أعاني، حيث إني أصبحت حتى وأنا جالس أدرس أو أعمل أي شيء أشعر بعدم راحة ورغبة ملحة في التشهد مرة أخرى، وخوف شديد.

أرجو منكم بارك الله فيكم توجيهي في هذا من خلال استشاراتكم النفسية الرائعة والهادفة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أريدك أبدًا أن تُسمّي الوساوس بأنها وساوس كُفر، هي وساوس دينية وليس أكثر من ذلك، وصاحب الوسواس - يا أخي - من أصحاب الأعذار ولا شك في ذلك، وأيًّا كان الوسواس فالمبادئ العلاجية واحدة تمامًا، وأنا قد أشرتُ إلى ذلك في إجابتي على استشارتك التي رقمها (2475747) والتي أجبتُ عليها بتاريخ 27/11/2021، يا حبذا - أيها الفاضل الكريم - لو رجعت لتلك الاستشارة، فطبّق نفس الأصول ونفس المبادئ، بأن تُحقّر، بأن تنفّر الوسواس، وبأن توقف الفكرة من خلال قولك لها: (قفي، قفي، قفي) ومخاطبتها مباشرة، وأن لا تستغرق في الفكرة أبدًا، لا تجعلها تستحوذ عليك، انتقل إلى فكرة مخالفة تمامًا أخي الكريم.

وأنا أعتقد أن العلاج الدوائي في حالتك مهمٌّ جدًّا؛ لأن الأفكار الوسواسية تستجيب للعلاج الدوائي بصورة رائعة جدًّا، وفي هذه المرة أنا أريدك أن تتناول عقار (فافرين) والذي يُسمَّى علميًا (فلوفوكسامين) دواء رائع جدًّا، غير إدماني، غير تعودي، وهو تخصُّصي في علاج الوساوس، تبدأ بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها مائتي مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء، دواء رائع ومفيد جدًّا.

وأودُّ أن أضيف أنك يجب أن تحرص على حُسن إدارة وقتك، لا تترك مجالاً للفراغ الزمني أو الفراغ الذهني، الوسواس يتصيّد الناس من خلال الفراغ، والواجبات أكثر من الأوقات، والحياة فيها أشياء عظيمة وجميلة يمكن للإنسان أن يقوم بها، والإنسان يجب أن يكون دائمًا نافعًا لنفسه ولأهله، ومن النصائح الأساسية التي أوجهها لك ولجميع الإخوة هي: الحرص على الواجبات الاجتماعية، والحمد لله نحن في مجتمعاتنا الإسلامية من المفترض أن نكون مترابطين، أن نصل الأرحام، أن نزور المرضى، أن نمشي في الجنائز، أن نشارك في الأفراح، ... هذه كلها تدريبات اجتماعية تأهيلية عظيمة جدًّا، ما أجمل الصلاة مع الجماعة في المسجد، كأمرٍ واجب، والثواب من الله تعالى، إن شاء الله تعالى هذا أمر يأتي للإنسان، أضف إلى ذلك أن هذا التمازج الانفعالي الإيجابي بحضور الصلوات مع الجماعة يُروض النفس ويُقوّيها ويطوّرها، ويزيل منها أي رهبة.

فيا أخي الكريم: أمامنا حقيقة في مجتمعاتنا الإسلامية وهي فرصة عظيمة جدًّا أن نعالج أنفسنا سلوكيًّا علاجًا تطبيقيًّا وليس نظريًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأهنئك - يا أخي - بقدوم شهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى أن يبلغنا إيَّاه، ويجعلنا جميعًا من الصائمين القائمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • اليمن حمزة

    ربي يجزاكم كل خير