الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  [ ص: 59 ] ( بسم الله الرحمن الرحيم )

                  وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت .

                  مقدمة المؤلف .

                  قال الشيخ الإمام العالم أبو جعفر أحمد بن سلامة الأزدي الطحاوي رحمه الله :

                  الحمد لله على ما أوضح لنا من برهانه ، وبين لنا من فرقانه ، وهدانا إليه من نور كتابه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم باللسان العربي المبين ، وأنهج به الصراط المستقيم ، وجعله مهيمنا على ما قبله من الكتب التي أنزلها على النبيين صلى الله عليهم أجمعين .

                  أما بعد ، فإن الله جل ثناؤه أنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما أنزل عليه في كتابه ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) .

                  فأعلمنا - عز وجل - بذلك أن من كتابه آيات محكمات ، قد أحكمها بالتأويل مع حكمة التنزيل ، وأنها أم الكتاب ، وأن من كتابه آيات متشابهة ، ثم ذم مبتغي المتشابهات ، فقال : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) .

                  لأن حكم المتشابهات إنما يلتمس من الآيات المحكمات التي جعلها الله - عز وجل - ، للكتاب أما ، ثم من أحكامه التي أجراها على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - تبيانا لما أنزل في كتابه متشابها ، وأمر عز وجل بقبول ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا ، كما أمر بقبول كتابه منه قرآنا ، فقال - عز وجل - : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ، ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ) وقال : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) [ ص: 60 ] .

                  فأوجب - عز وجل - علينا بذلك قبول ما أتانا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا ، كما أوجب قبول ما تلاه علينا قرآنا .

                  وقال النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، وأبي النضر ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه أو غيره ، يذكره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدري ، ما وجدناه في كتاب الله - عز وجل - اتبعناه " .

                  وحدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لأعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري ، إما أمرت به ، وإما نهيت عنه ، وهو متكئ على أريكته ، فيقول : ما ندري ما هذا ؟ عندنا كتاب الله ، وليس هذا فيه " .

                  حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي النضر ، عن أبي رافع ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                  وحدثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني الليث بن سعد ، عن أبي النضر ، عن موسى بن عبد الله بن قيس ، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأعرفن أحدكم يأتيه الأمر من أمري ، قد أمرت به أو نهيت عنه ، وهو متكئ على أريكته ، فيقول : ما وجدناه في كتاب الله عملناه ، وإلا فلا " .

                  حدثنا محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن الحسن بن جابر ، عن المقدام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله - عز وجل - ، ما وجدناه فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مثل ما حرم الله " .

                  حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، [ ص: 61 ] قال : حدثنا يحيى بن حمزة ، قال : حدثني الزبيدي ، عن مروان بن رويه ، أنه حدثه ، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، عن المقدام بن معديكرب الكندي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " أوتيت الكتاب وما يعدله ، يوشك شبعان على أريكته ، يقول : بيننا وبينكم هذا الكتاب ، فما كان فيه من حلال أحللناه ، وما كان فيه من حرام حرمناه ، ألا وإنه ليس كذلك ، لا يحل ذو ناب من السباع ، ولا الحمار الأهلي " .

                  وأعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي عنه قبلنا كتاب الله - عز وجل - أن علينا قبول ما قاله لنا ، وما أمرنا به وما نهانا عنه ، وإن لم يكن قرآنا ، كما علينا قبول ما تلاه علينا قرآنا ، ثم وجدنا أشياء قد كانت مستعملة في الإسلام فرضا غير مذكورة في القرآن .

                  منها : التوارث بالهجرة في الإسلام ، ثم نسخ الله - عز وجل - ذلك بما أنزل في كتابه من قوله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) وروي في ذلك عن ابن الزبير ما سنذكره في موضعه من كتابنا هذا بإسناده إن شاء الله .

                  ومنها : الصلاة إلى بيت المقدس ، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، ثم نسخ الله - عز وجل - ذلك بما أنزل في كتابه : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره . )

                  وسنذكر ذلك بأسانيده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى .

                  ومنها : بيع الأحرار في الديون التي عليهم ، ثم نسخ الله - عز وجل - ذلك بما أنزل في كتابه من قوله : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) .

                  وكان القرآن قد نسخ من ذلك ما كان غير قرآن ، وكان على المسلمين فرضا ، وأوجب له حكما مستأنفا ، ولم ينقض بذلك ما قد مضى قبل نزول الآيات الناسخات على ما كان مضى عليه من بيع الأحرار في الديون ، ومن التوارث بالهجرة دون الأرحام ، ولو كان نزول [ ص: 62 ] هذه الآيات أوجب حكما متقدما فيما مضى قبل نزولها ، إذا لرد ما مضى قبلها إلى الذي أنزل فيها ، ولأن لما ثبت إمضاء الأمور فيما كان قبل نزولها على ما مضت عليه ، وإن كان خلاف ما نزل بعده ، دل ذلك على أن ما كانت الأمور مضت عليه قبل نزول ما قد خالفه ، قد مضى على فرض من الله - عز وجل - ، ولما كان ما تقدم نزول القرآن في الإسلام من الأحكام يجري على ما جرى عليه ، ولا ينقضه نزول القرآن بخلافه وكان نزول القرآن ينسخه ، لأنه من شكله ، كان مثل ذلك إذا كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول القرآن ناسخا لما أنزل قبل ذلك من القرآن إذا كان يخالف حكمه وإن كان من الناس من قد خالفنا في ذلك ، وذهب إلى أنه لا ينسخ القرآن إلا قرآن فإن القول في ذلك عندنا ما قد ذكرناه فيه لما اعتللنا به فيه ، ولما قد وجدنا في كتاب الله - عز وجل - مما قد دل عليه ، قال الله - عز وجل - في الزانيات : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) .

                  ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .

                  وسنذكر هذا الحديث بإسناده في موضعه من كتابنا هذا ، إن شاء الله .

                  وكان السبيل الذي ذكره الله - عز وجل - في القرآن غير مذكور ما هو فيما أنزل بعد ذلك من القرآن ، مذكورا على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير القرآن ، وناسخا لما تقدم في حكم الزانيات .

                  وإن قال قائل : السبيل الذي ذكره الله - عز وجل - في هذه الآية هو قوله - عز وجل - في سورة النور : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) .

                  قيل له : في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي حكيناه ما يوجب خلاف هذا ، لأنه قال : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا " ، فأخبر السبيل ما هو ؟ ولم يكن قبل ذلك لله - عز وجل - سبيل أنزلها في ذلك قرآنا ولم يخل ذلك من أحد وجهين : إما أن يكون قبل نزول قوله - عز وجل - في سورة النور : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) أو بعد نزوله وإن كان ذلك قبل نزوله فقد نزل ، وقد تقدمه جعل [ ص: 63 ] الله - عز وجل - السبيل في الزانيات على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما قد ذكرناه عنه ، ثم نزل قوله في سورة النور في الأبكار من الزواني والزناة .

                  وإن كان بعد نزول ذلك ، فإنه نزل بحكم الله - عز وجل - أراد به الأبكار من الزواني والزناة دون من سواهم من الثيب ، أو يكون أراد به كل الزواني والزناة ، ثم نسخ ذلك على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما قد ذكرناه عنه في تفصيله بين حكم الأبكار من الثيب من الزواني والزناة ، فأحطنا بذلك علما أن في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قد ذكرناه عنه حكما حادا لله - عز وجل - في الزواني والزناة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، نسخ به ما كان قد تقدمه مما يخالفه في القرآن .

                  وفرض الله جل ثناؤه الوصية في كتابه للوالدين والأقربين ، فقال - عز وجل - : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) .

                  ثم نسخ ذلك على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : " لا وصية لوارث " .

                  فإن قال قائل : إنما نسخ الله - عز وجل - ذلك بآية المواريث ؟ قيل له : ما على نسخ الله - عز وجل - بآية المواريث كما ذكرت ، لأن آية المواريث أوجبت المواريث بعد الوصايا والديون إن كانت والوصايا فقد كانت في كتاب الله - عز وجل - للوالدين والأقربين ، فلم يكن في آية المواريث دليل على نسخ الوصية للوالدين ، لأنه قد يجوز أن يكون قد جمع للوالدين بالآيتين الميراث والوصية ، ولأن الذي به علمنا نسخ الوصية للوالدين ، ووقفنا به على ذلك هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وصية لوارث " . فثبت بما ذكرنا أن السنة قد تنسخ القرآن ، كما ينسخ القرآن السنة .

                  فإن قال قائل : فقد قال الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ) . فدل ذلك على أن التبديل إنما يكون عن الله - عز وجل - ، ولا يكون ذلك إلا بالقرآن .

                  قيل له : ومن قال لك أن الحكم الذي نسخ ما نسخ من القرآن ليس من قبل الله عز [ ص: 64 ] وجل ، أو أن السنة ليست عن الله - عز وجل - ؟ بل هما عنه ، ينسخ بهما ما شاء من القرآن ، كما ينسخ منهما ما شاء بالقرآن .

                  وكان من القرآن ما قد يخرج على المعنى الذي يكون ظاهرا لمعنى ، ويكون باطنه معنى آخر وكان الواجب علينا في ذلك استعمال ظاهره ، وإن كان باطنه قد يحتمل خلاف ذلك ، لأنا إنما خوطبنا ليبين لنا ، ولم نخاطب به لغير ذلك ، وإن كان بعض الناس قد خالفنا في هذا ، وذهب إلى أن الظاهر في ذلك ليس بأولى به من الباطن فإن القول عندنا في ذلك ما ذهبنا إليه للدلائل التي قد رأيناها تدل عليه وتوجب العمل به من ذلك : أنا رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أنزل الله عليه : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) قرأها على الناس ، فعمد غير واحد ، منهم عدي بن حاتم الطائي ، إلى خيطين أحدهما أسود ، والآخر أبيض فاعتبر بهما ما في الآية .

                  ثم ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنفهم على ما كان منهم ، ولم يقل لهم : قد كان الأبيض والأسود اللذان عنيا في هذه الآية غير ما ذهبتم إليه ، بل قال : " إنك لعريض الوساد ، إنما ذلك على سواد الليل وبياض النهار " .

                  ولم يعب عليهم - صلى الله عليه وسلم - استعمال الظاهر في ذلك ، وسنذكر ذلك بأسانيده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .

                  وفي استعمالهم ما استعملوا من ذلك قبل توقيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم على المراد بذلك دليل أن لهم استعمال القرآن على ظاهره ، وإن لم يوفقوا على تأويله نصا كما وفقوا على تنزيله نصا . وفي ثبوت ذلك ثبوت استعمال الظاهر ، وأنه أولى بتأويل الآي من الباطن .

                  ومثل ذلك ما قد علموه من تحريم الله - عز وجل - الخمر ، ولم يبين لهم في الآية ما تلك الخمر وما جنسها ؟ فكسر بعضهم آنيته وهراق خمره ، وهم : أبو عبيدة بن الجراح ، وأبو طلحة ، وأبي بن كعب ، وسهيل بن البيضاء وغيرهم من أمثالهم رضوان الله عليهم .

                  وكان الذي هراقوه يومئذ فضيح البسر والتمر ، وذهبوا إلى أن ذلك هو الخمر التي [ ص: 65 ] حرمت عليهم ، أو من الخمر التي حرمت عليهم ، وخالفهم في ذلك عبد الله بن عمر ، فقال : لقد حرمت الخمر ، وما بالمدينة منها شيء ، وهو يعرف بالفضيح الذي قد ذكرناه ، وإن المدينة ما كانت تخلو منه .

                  وخالفه في ذلك أيضا ابن عباس ، فقال : حرمت الخمر ، وهي الفضيح ، وخالفهم في ذلك جميعا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : حرمت وهي من خمسة أشياء : من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير .

                  فدل ذلك على استعمالهم تلك الآية على ما كان وقع في قلوبهم أنه المراد بها على ما ظهر لهم من حكمها ، وأنه لم يكن عليهم إلا ذلك ثم لم يعنفهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا قال لهم : قد كان ينبغي أن لا تعجلوا بإتلاف أموالكم حتى تعلموا تحريم الله - عز وجل - إياها عليكم بما لا تحتمل غير ما تعلمونه من ذلك ، وسنذكر أسانيد هذه الأقاويل في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله .

                  وفي وجوب حمل هذه الآيات على ظاهرها وجوب حملها على عمومها ، وإن كان بعض الناس قد ذهب إلى أن العام ليس بأولى بها من الخاص ، إلا بدليل آخر يدل عليه إما من كتاب ، وإما من سنة ، وإما من إجماع فإنا لا نقول في ذلك كما قال ، ولكنا نذهب إلى أن العام في ذلك أولى بها من الخاص لأنه لما كانت الآيات فيها ما يراد به العام ، وفيها ما يراد به الخاص وكانوا قد استعملوا قبل التوقيف على ما ظهر لهم من المراد بها من عموم أو خصوص ، وكان الخصوص لا يوقف عليه بظاهر التنزيل ، إنما يوقف عليه بتوقيف ثان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو من آية أخرى من التنزيل تدل عليه .

                  ثبت بما ذكرنا أن الذي عليهم في ذلك استعمالها على عمومها ، وأنه أولى بها من استعمالها على خصوصها ، حتى يعلم : أن الله - عز وجل - أراد بها سوى ذلك .

                  وقد ألفنا كتابنا هذا نلتمس فيه كشف ما قدرنا على كشفه من أحكام كتاب الله - عز وجل - ، واستعمال ما حكينا في رسالتنا هذه في ذلك ، وإيضاح ما قدرنا على إيضاحه منه ، وما يجب العمل به فيه بما أمكننا من بيان متشابهه بمحكمه ، وما أوضحته السنة منه ، وما بينته اللغة العربية منه ، وما دل عليه مما روي عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين المهديين ، ومن سواهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتابعيهم بإحسان رضوان الله عليهم [ ص: 66 ] .

                  والله نسأله المعونة على ذلك ، والتوفيق له ، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا به ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

                  فأول ما نذكر من ذلك ، ما وقفنا عليه من أحكام الطهارات المذكورات في كتاب الله عز وجل [ ص: 67 ] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية