الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                ثم خرج البخاري بعد هذا :

                                51 51 - حديث ابن عباس : أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له : سألتك هل يزيدون أم ينقصون ، فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم . وسألتك : هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد .

                                التالي السابق


                                ومقصوده بإيراد هذه الجملة من حديث هرقل أن الإيمان يزيد حتى يتم ، وأن الدين هو الإيمان ، فإنه سأله : هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه ؟ ثم أجاب بأن الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد .

                                والبشاشة الفرح والاستبشار .

                                [ ص: 203 ] ومنه حديث : " لا يوطن أحد المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله به كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم " .

                                فدل على أن الإسلام والدين واحد ، ولكن لم يرد بزيادة الإيمان هنا إلا زيادة أهله ، وبتمامه قوة أهله وتمكنهم من إظهاره والدعوة إليه .

                                وكلام هرقل ، وإن كان لا يحتج به في مثل هذه المسائل العظيمة من أصول الديانات التي وقع الاضطراب فيها فإن ابن عباس روى هذا الكلام مقررا له مستحسنا وتلقاه عنه التابعون ، وعن التابعين أتباعهم كالزهري .

                                فالاستدلال إنما هو بتداول الصحابة ومن بعدهم لهذا الكلام وروايته واستحسانه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .



                                الخدمات العلمية