الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القسم الرابع من الفصل الأول

في الشروط

وفي هذا القسم مسائل ثمانية : إحداها : هل من شروط من أذن أن يكون هو الذي يقيم أم لا ؟ والثانية : هل من شرط الأذان أن لا يتكلم في أثنائه أم لا ؟ والثالثة : هل من شرطه أن يكون على طهارة أم لا ؟ والرابعة : هل من شرطه أن يكون متوجها إلى القبلة أم لا ؟ والخامسة : هل من شرطه أن يكون قائما أم لا ؟ والسادسة : هل يكره أذان الراكب أم ليس يكره ؟ والسابعة : هل من شرطه البلوغ أم لا ؟ والثامنة : هل من شرطه أن لا يأخذ على الأذان أجرا أم يجوز له أن يأخذه ؟ . فأما اختلافهم في الرجلين يؤذن أحدهما ويقيم الآخر ، فأكثر فقهاء الأمصار على إجازة ذلك ، وذهب بعضهم إلى أن ذلك لا يجوز .

[ ص: 94 ] والسبب في ذلك أنه ورد في هذا حديثان متعارضان : أحدهما حديث الصدائي قال : " أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كان أوان الصبح أمرني فأذنت ، ثم قام إلى الصلاة ، فجاء بلال ليقيم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أخا صداء أذن ، ومن أذن فهو يقيم " .

والحديث الثاني : ما روي أن عبد الله بن زيد حين أري الأذان أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأذن ، ثم أمر عبد الله فأقام .

فمن ذهب مذهب النسخ قال : حديث عبد الله بن زيد متقدم وحديث الصدائي متأخر .

ومن ذهب مذهب الترجيح قال : حديث عبد الله بن زيد أثبت لأن حديث الصدائي انفرد به عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، وليس بحجة عندهم .

وأما اختلافهم في الأجرة على الأذان فلمكان اختلافهم في تصحيح الخبر الوارد في ذلك : ( أعني حديث عثمان بن أبي العاص أنه قال : " إن من آخر ما عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " ) ومن منعه قاس الأذان في ذلك على الصلاة .

وأما سائر الشروط الأخر فسبب الخلاف فيها : هو قياسها على الصلاة ، فمن قاسها على الصلاة أوجب تلك الشروط الموجودة في الصلاة ، ومن لم يقسها لم يوجب ذلك .

قال أبو عمر بن عبد البر : قد روينا عن أبي وائل بن حجر قال : حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو قائم ، ولا يؤذن إلا على طهر ، قال : وأبو وائل هو من الصحابة ، وقوله سنة يدخل في المسند وهو أولى من القياس .

قال القاضي : وقد خرج الترمذي عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال " لا يؤذن إلا متوضئ " .

التالي السابق


الخدمات العلمية