الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5047 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسن الظن من حسن العبادة " . رواه أحمد ، وأبو داود .

التالي السابق


5047 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسن الظن ) أي : بالله ( من حسن العبادة ) أي لله ، والمعنى أن حسن الظن به تعالى من جملة العبادات الحسنة ، فلا ينبغي أن تظن ما يظنه العامة من أن حسن الظن هو أن تترك العمل وتعتمد على الله وتقول : إنه كريم غفور رحيم ، ويمكن أن يكون المعنى : بعض حسن العبادة حسن الظن ، وقدم الخبر اهتماما ، فإن السالك إذا حسن الظن بالله على سبيل الرجاء حسن العبادة في الخلا والملا ، فيستحسن مأموله ويرجى مقبوله . قال تعالى : إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم وأما من يترك العبادة ويدعي حسن الظن بالمعبود ، فهو مغرور ومخدوع ومردود ، ومثلهما الغزالي بمن زرع ومن لم يزرع راجين الحصاد ، ولا شك أن الثاني ظاهر الفساد والله رءوف بالعباد . وقال المظهر : يعني اعتقاد الخير والصلاح ، في حق المسلمين عبادة . قال الطيبي : فعلى هذا ( من ) للتبعيض أي من جملة عبادة الله والإخلاص فيها حسن المعاشرة مع عباده ، ويجوز أن تكون للابتداء أي حسن الظن بعباد الله تعالى ناشئ من حسن عبادة الله وينصره قوله : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " . اهــ .

[ ص: 3160 ] فإن قلت : قد ورد احترسوا من الناس بسوء الظن على ما رواه ابن عدي والطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا . قلت : التقدير من بعضهم ولذا قال تعالى : اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم أو يقال : يحترس منهم بسوء الظن في الباطن على ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله : اخبره نقله على ما رواه جماعة عن أبي الدرداء ، ودل عليه ما ورد في حديث ثابت ، من أن الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة ، أو يعاملهم في الظاهر بحسن الظن بناء على الأمر المبهم ، والله أعلم . ( رواه أحمد وأبو داود ) . وكذا الحاكم في مستدركه .




الخدمات العلمية