الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال قوم ) عرب أو عجم . ( نؤدي الجزية باسم صدقة لا جزية ) وقد عرفوا حكمها . ( فللإمام إجابتهم إذا رأى ) ذلك ( ويضعف عليهم الزكاة ) اقتداء بفعل عمر رضي الله تعالى عنه ذلك مع من تنصر من العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وهم بنو تغلب وتنوخ وبهراء وقالوا لا نؤدي إلا كالمسلمين [ ص: 291 ] فأبى فأرادوا اللحوق بالروم فصالحهم على تضعيف الصدقة عليهم وقال هؤلاء حمقى أبوا الاسم ورضوا بالمعنى . ( فمن خمسة أبعرة شاتان و ) من . ( خمسة وعشرين ) بعيرا . ( بنتا مخاض ) ومن ست وثلاثين بنتا لبون وهكذا . ( و ) من . ( عشرين دينارا دينار و ) من . ( مائتي درهم ) فضة . ( عشرة وخمس المعشرات ) المسقية بلا مؤنة وإلا فعشرها لما مر عن عمر رضي الله عنه ويجوز غير تضعيفها كتربيعها على ما يراه بل لو لم يف التضعيف بقدر دينار لكل واحد وجبت الزيادة إلى بلوغ ذلك يقينا كما أنه لو زاد جاز النقص عنه إلى بلوغ ذلك يقينا أيضا قال البلقيني إن أراد تضعيف الزكاة مطلقا وردت زكاة الفطر ولم أر من ذكرها أو فيما ذكره وردت زكاة التجارة والمعدن والركاز ففي الأم والمختصر تضعيفا أو مطلق المال الزكوي اقتضى عدم الأخذ من المعلوفة وهو بعيد ولم أره انتهى والذي يتجه التضعيف إلا في زكاة الفطر وهو ظاهر وإلا في المعلوفة ؛ لأنها ليست زكوية الآن ولا عبرة بالجنس وإلا لوجبت فيما دون النصاب الآتي . ( ولو وجبت بنتا مخاض مع جبران ) كما في ست وثلاثين عند فقد بنتي اللبون . ( لم يضعف الجبران في الأصح ) فيأخذ مع كل بنت مخاض شاتين أو عشرين درهما ؛ لأنه لو ضعف أخذ الضعف علينا فيما إذا رددناه إليهم والخيرة فيه هنا للإمام دون المالك نص عليه . ( ولو كان ) المال الزكوي . ( بعض نصاب ) كعشرين شاة . ( لم يجب قسطه في الأظهر ) إذ لا يجب فيه شيء على المسلم ومن ثم يجب القسط في الخلطة الموجبة للزكاة لا يقال يلزم عليه بقاء موسر منهم بلا جزية ؛ لأنا نقول لا نظر هنا للأشخاص بل لمجموع الحاصل هل يفي برؤسهم [ ص: 292 ] أو لا كما تقرر . ( ثم المأخوذ جزية ) حقيقة فيصرف مصرفها كما أفهمه قول عمر السابق ورضوا بالمعنى . ( فلا تؤخذ من مال من لا جزية عليه ) ولو زاد المجموع على أقل الجزية فسألوا إسقاط الزيادة وإعادة اسم الجزية أجيبوا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن ست وثلاثين بنتا لبون ) وهكذا قال في الروض : ويأخذ من مائتين أي من الإبل ثمان حقاق أو عشر بنات لبون قلت وفيه نظر . إذ لا تشقيص انتهى . ( قوله : بل لو لم يف التضعيف بقدر دينار إلخ ) عبارة الروض فإن وفى قدر الزكاة أي بلا تضعيف أو نصفها بالدينار يقينا لا ظنا كفى أخذه . ا هـ . ( قوله جاز النقص إلخ ) انظر إطلاقه مع قوله السابق أول الفصل بل حيث أمكنه الزيادة بأن علم أو ظن إجابتهم إليها وجبت عليه إلا لمصلحة انتهى إلا أن يكون ما هنا عند المصلحة . ( قوله : ولو كان بعض نصاب ) قال في شرح الروض : وهل يعتبر النصاب كل الحول أو آخره ؟ وجهان في الكفاية قياس باب الزكاة ترجيح الأول وقياس اعتبار الغني والفقير والمتوسط آخر الحول في هذا الباب ترجيح الثاني انتهى . ( قوله : ؛ لأنا نقول لا نظر هنا للأشخاص بل لمجموع الحاصل هل يفي برؤسهم أو لا ؟ ) فلو تلفت أموالهم قبل تمام الحول هل تستمر صحة العقد ويرجع للمرد الشرعي وهو دينار عن كل واحد ؟ فيه نظر ولا يبعد أن الأمر [ ص: 292 ] كذلك . ( قوله فلا تؤخذ من مال لا جزية عليه ) قال في الروض : ولا تؤخذ من مال صبي ومجنون وامرأة قال في شرحه : وخنثى بخلاف الفقير . ا هـ . ( قوله : أجيبوا ) قال في شرح الروض : ؛ لأن الزيادة أثبتت لغير الاسم فإن رضوا بالاسم وجب إسقاطها . ا هـ . وقضيته أنهم لا يجابون لو سألوا إسقاط الزائد مع عدم إعادة الاسم فليراجع . ( قوله : أيضا أجيبوا ) هل يحتاج حينئذ لتجديد عقد .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : عرب ) إلى الفصل في الغني إلا قوله قال البلقيني إلى المتن وقوله لا يقال إلى المتن

                                                                                                                              ( قوله : حكمها ) أي : الزكاة أي : وشرطها مغني وأسني ( قول المتن فللإمام إلخ ) يفهم أنه لا يلزمه الإجابة وهو كذلك بخلاف بذلهم الدينار نعم تلزمه الإجابة عند ظهور المصلحة فيه لقوتهم وضعفنا ، أو لغير ذلك إذا أبوا الدفع إلا باسم الصدقة . ا هـ . مغني ( قول المتن إجابتهم إلخ ) هذا إذا تيقنا وفاءها بدينار وإلا فلا يجابوا ولو اقتضى إجابتهم تسليم بعض منهم عن بعض ما التزموا فإنهم يجابون ولبعضهم أن يلتزم عن نفسه وعن غيره وغرضنا تحصيل دينار عن كل رأس فيقول الإمام في صورة العقد جعلت عليكم ضعف الصدقة ، أو صالحتكم عليه ، أو نحوه مغني وروض مع شرحه ( قول المتن ويضعف ) أي : وجوبا . ا هـ . ع ش ( قوله : بنو تغلب ) بفتح المثناة فوق وبكسر اللام والنسبة إليها تغلبي [ ص: 291 ] بالكسر على الأصل ومنهم من يفتح للتخفيف استثقالا لتوالي كسرتين مع ياء النسب وقوله وتنوخ هو بالتاء المثناة فوق وبالنون المخففة وقوله وبهراء وفي المصباح وبهراء مثل حمراء قبيلة من قضاعة والنسبة إليها بهراني مثل نجراني على غير قياس وقياسه بهراوي ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : فأبى ) أي : عمر رضي الله عنه . ا هـ . ع ش ( قوله : فصالحهم إلخ ) ولم يخالفه أحد من الصحابة فكان ذلك إجماعا مغني وأسنى ( قول المتن فمن خمسة أبعرة شاتان ) ومن عشرة أربع شياه ومن خمسة عشر ست شياه ومن عشرين ثمان شياه ومن أربعين من الغنم شاتان ومن ثلاثين من البقر تبيعان ومن مائتين من الإبل ثمان حقاق ، أو عشر بنات لبون ولا يفرق فلا يأخذ أربع حقاق وخمس بنات لبون كما لا يفرق في الزكاة . ا هـ . كذا قالاه وقال ابن المقري : قلت وفيه نظر إذ لا تشقيص هنا بخلاف ما هناك وهو الظاهر . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : ويجوز غير تضعيفها إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه فإن وفى قدر الزكاة بلا تضعيف ، أو نصفها إن نصفها بالدينار يقينا لا ظنا كفى أخذه فلو كثروا وعسر عددهم لمعرفة الوفاء بالدينار لم يجز الأخذ بغلبة الظن بل يشترط تحقق أخذ دينار عن كل رأس ولا يتعين تضعيفها ولا تنصيفها فيجوز تربيعها وتخميسها ونحوهما على ما يرونه بالشرط المذكور . ا هـ . ( قوله : لو زاد ) أي : التضعيف على دينار

                                                                                                                              ( قوله : جاز النقص إلخ ) انظر إطلاقه مع قوله السابق أول الفصل بل حيث أمكنته الزيادة بأن علم ، أو ظن إجابتهم إليها وجبت عليه إلا لمصلحة . ا هـ . إلا أن يكون ما هنا عند المصلحة . ا هـ . سم ( قوله : قال البلقيني إلخ ) أي : اعتراضا على التعبير بما ذكر من تضعيف الزكاة بلا قيد ومن التصوير بقولهم فمن خمسة أبعرة إلخ . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله : وهو ظاهر ) إذ لا تجب على كافر ابتداء نهاية ( قوله : وإلا في المعلوفة إلخ ) أي : فلا يأخذ منها شيئا لا بمضاعفة ولا عدمها أخذا من قوله وإلا لوجبت إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : ؛ لأنه لو ضعف إلخ ) ولأنه على خلاف القياس فيقتصر فيه على مورد النص . هـ ا . مغني

                                                                                                                              ( قوله : لضعف علينا إلخ ) أي : وهو ممنوع قطعا . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : والخيرة فيه ) أي : الجبران أي : في دفعه ، أو أخذه وقوله هنا أي : في الجزية أي : بخلافه في الزكاة فإن الخيرة فيه للدافع مالكا كان ، أو ساعيا كما مر ثم رشيدي و ع ش

                                                                                                                              ( قوله : للإمام ) ويعطي الجبران من الفيء كما يصرفه إذا أخذه إلى الفيء . ا هـ . مغني ( قول المتن ولو كان بعض نصاب إلخ ) وهل المعتبر النصاب كل الحول ، أو آخره وجهان في الكفاية قياس باب الزكاة ترجيح الأول وقياس اعتبار الغنى والفقر والتوسط آخر الحول في هذا الباب ترجيح الثاني وهو الظاهر كما بحثه بعض المتأخرين . ا هـ . مغني ( قوله : المال الزكوي ) أي : للكافر ( قوله : إذ لا يجب فيه شيء على المسلم ) أي : وأثر عمر رضي الله تعالى عنه ورد في تضعيف ما يلزم المسلم لا في إيجاب ما لم يجب فيه شيء على المسلم . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : في الخلطة إلخ ) فإن خلط عشرين شاة بعشرين لغيره أخذ منه شاة إن ضعفنا . ا هـ . مغني

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأنا نقول لا نظر هنا إلخ ) فلو تلفت أموالهم قبل تمام [ ص: 292 ] الحول هل تستمر صحة العقد ويرجع للرد الشرعي وهو دينار من كل واحد فيه نظر ولا يبعد أن الأمر كذلك . ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : هل يفي برؤسهم ) أي : بقدر دينار لكل كامل منهم

                                                                                                                              ( قوله : كما تقرر ) أي : في شرح وخمس المعشرات ( قول المتن ، ثم المأخوذ ) أي : باسم الزكاة مضعفا ، أو غير مضعف جزية بالرفع على الخبرية . ا هـ . مغني ( قول المتن فلا يؤخذ ) أي : شيء ( قول المتن من مال من لا جزية عليه ) كصبي ومجنون وامرأة وخنثى بخلاف الفقير مغني وروض مع شرحه ( قوله : أجيبوا ) أي : وجوبا . ا هـ . ع ش ( قوله : أجيبوا ) ولا ينافي هذا ما مر من أنها لو عقدت بأكثر من دينار ، ثم علموا جواز دينار لزمهم ما التزموه ؛ لأن الزيادة هنا في مقابلة الاسم وقد أسقطوه . ا هـ . مغني وفي سم بعد ذكر مثله عن شرح الروض ما نصه وقضيته أنهم لا يجابون لو سألوا إسقاط الزائد مع عدم إعادة الاسم فليراجع ثم هل تحتاج إجابتهم لتجديد عقد . ا هـ .

                                                                                                                              أقول والأول ظاهر والأقرب في الثاني عدم الاحتياج والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية