الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ( 37 ) لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ( 38 ) ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ( 39 ) فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا ( 40 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( قال له صاحبه ) المسلم ( وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ) أي خلق أصلك من تراب ( ثم ) خلقك ( من نطفة ثم سواك رجلا ) أي : عدلك بشرا سويا ذكرا . ( لكنا هو الله ربي ) قرأ ابن عامر ويعقوب : " لكنا " بالألف في الوصل وقرأ الباقون بلا ألف واتفقوا على إثبات الألف في الوقف وأصله : " لكن أنا " فحذفت الهمزة طلبا للتخفيف لكثرة استعمالها ثم أدغمت إحدى النونين في الأخرى قال الكسائي فيه تقديم وتأخير مجازه : لكن الله هو ربي ( ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك ) أي : هلا إذ دخلت جنتك ( قلت ما شاء الله ) أي الأمر ما شاء الله . وقيل : جوابه مضمر أي : ما شاء الله كان ، وقوله : ( لا قوة إلا بالله ) أي : لا أقدر على حفظ مالي أو دفع شيء عنه إلا [ بإذن الله ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال ما شاء الله لا قوة إلا بالله .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال : ( إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ) و " أنا " عماد ولذلك نصب " أقل " معناه : إن ترني أقل منك مالا وولدا فتكبرت وتعظمت علي . ( فعسى ربي ) فلعل ربي ( أن يؤتين ) يعطيني في الآخرة ( خيرا من جنتك ويرسل عليها ) [ ص: 173 ] أي : على جنتك ( حسبانا ) قال قتادة : عذابا وقال ابن عباس رضي الله عنه : نارا . وقال القتيبي : مرامي ( من السماء ) وهي مثل صاعقة أو شيء يهلكها واحدتها : " حسبانة " ( فتصبح صعيدا زلقا ) أي أرضا جرداء ملساء لا نبات فيها وقيل : تزلق فيها الأقدام وقال مجاهد : رملا هائلا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية