الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا كان قبل المعركة جنبا فليس للشافعي نص في إيجاب غسله ، لكن اختلف أصحابنا فيه بعد اتفاقهم أنه لا يصلى عليه ، فقال أبو العباس بن سريج : يجب غسله للجنابة لا للموت ، وبه قال مالك . فمن أوجب غسله استدل بما روي أن حنظلة بن الراهب قتل يوم [ ص: 37 ] أحد فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الملائكة تغسله فبعث إلى أهله فسأل عن شأنه فقالوا : لا علم لنا به غير أنه كان واقع أهله ثم خرج إلى الحرب جنبا " ، فلما غسلته الملائكة ، والملائكة لا تغسله إلا عن أمر الله سبحانه دل على أن غسله مأمور به ، ولأنه لزمه غسل جميع بدنه في حال حياته فوجب أن لا يسقط بالقتل ، كما إذا كان على جميع بدنه نجاسة ثم قتل شهيدا .

                                                                                                                                            ومن قال لا يجب غسله استدل بأنها طهارة عن حدث فوجب أن تسقط بالقتل كالطهارة الصغرى ، ولأن الحي الجنب إنما يغسل ؛ لأن يصلي ، والميت إنما يغسل ؛ لأن يصلى عليه ، وإذا كان هذا القتيل الجنب لا يصلى عليه فلا معنى لغسله ، فأما إزالة النجاسة من بدنه فإن كانت من جهة الشهادة لم يجب إزالتها ، وإن كانت من غير جهة الشهادة كالبول والخمر وجب إزالتها ، والفرق بينها وبين الجنابة أنه لما وجب إزالة قليل النجاسة وجب إزالة كثيرها ، ولما لم يجب إزالة الحدث الأصغر لم يجب إزالة الأكبر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية