الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( فيه آيات بينات مقام إبراهيم )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك ،

فقرأه قرأة الأمصار : ( فيه آيات بينات ) على جماع "آية " ، بمعنى : فيه علامات بينات .

وقرأ ذلك ابن عباس . ( فيه آية بينة ) ، يعني بها : مقام إبراهيم ، يراد بها : علامة واحدة .

ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " فيه آيات بينات " وما تلك الآيات؟ . فقال بعضهم : مقام إبراهيم والمشعر الحرام ، ونحو ذلك .

ذكر من قال ذلك :

7448 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : [ ص: 27 ] حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " فيه آيات بينات " ، مقام إبراهيم ، والمشعر .

7449 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ومجاهد : " فيه آيات بينات مقام إبراهيم " قال : مقام إبراهيم ، من الآيات البينات .

وقال آخرون : "الآيات البينات " ، مقام إبراهيم " ومن دخله كان آمنا " .

ذكر من قال ذلك :

7450 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عباد ، عن الحسن في قوله : " فيه آيات بينات " قال : " مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا " .

وقال آخرون : "الآيات البينات " ، هو مقام إبراهيم .

ذكر من قال ذلك :

7451 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : " فيه آيات بينات مقام إبراهيم " أما "الآيات البينات " فمقام إبراهيم .

قال أبو جعفر : وأما الذين قرأوا ذلك : "فيه آية بينة " على التوحيد ، فإنهم عنوا ب "الآية البينة " ، مقام إبراهيم .

ذكر من قال ذلك :

7452 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي [ ص: 28 ] نجيح ، عن مجاهد : "فيه آية بينة " ، قال : قدماه في المقام آية بينة . يقول : " ومن دخله كان آمنا " قال : هذا شيء آخر .

7453 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد : "فيه آية بينة مقام إبراهيم " قال : أثر قدميه في المقام ، آية بينة .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : "الآيات البينات ، منهن مقام إبراهيم " ، وهو قول قتادة ومجاهد الذي رواه معمر عنهما . فيكون الكلام مرادا فيه "منهن " ، فترك ذكره اكتفاء بدلالة الكلام عليها .

فإن قال قائل : فهذا المقام من الآيات البينات ، فما سائر الآيات التي من أجلها قيل : " آيات بينات

قيل : منهن المقام ، ومنهن الحجر ، ومنهن الحطيم .

وأصح القراءتين في ذلك قراءة من قرأه : " فيه آيات بينات " ، على الجماع ، لإجماع قرأة أمصار المسلمين على أن ذلك هو القراءة الصحيحة دون غيرها .

وأما اختلاف أهل التأويل في تأويل : " مقام إبراهيم " ، فقد ذكرناه في "سورة البقرة " ، وبينا أولى الأقوال بالصواب فيه هنالك ، وأنه عندنا المقام المعروف به . [ ص: 29 ]

فتأويل الآية إذا : إن أول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين ، للذي ببكة ، فيه علامات بينات من قدرة الله وآثار خليله إبراهيم ، منهن أثر قدم خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الحجر الذي قام عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية