الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5249 حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته منه شيء فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام الماضي قال كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الثالث حديث سلمة بن الأكوع وهو من ثلاثياته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي ) ؟ يستفاد منه أن النهي كان سنة تسع لما دل عليه الذي قبله أن الإذن كان في سنة عشر ، قال ابن المنير : وجه قولهم هل نفعل كما كنا نفعل ؟ مع أن النهي يقتضي الاستمرار ، لأنهم فهموا أن ذلك النهي ورد على سبب خاص ، فلما احتمل عندهم عموم النهي أو خصوصه من أجل السبب سألوا ، فأرشدهم إلى أنه خاص بذلك العام من أجل السبب المذكور ، وقوله كلوا وأطعموا تمسك به من قال بوجوب الأكل من الأضحية ، ولا حجة فيه لأنه أمر بعد حظر فيكون للإباحة ، واستدل به على أن العام إذا ورد على سبب خاص ضعفت دلالة العموم حتى لا يبقى على أصالته ، لكن لا يقتصر فيه على السبب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وادخروا ) بالمهملة ، وأصله من ذخر بالمعجمة دخلت عليها تاء الافتعال ثم أدغمت ، ومنه قوله - تعالى - وادكر بعد أمة ويؤخذ من الإذن في الادخار الجواز خلافا لمن كرهه ، وقد ورد في الادخار " كان يدخر لأهله قوت سنة " وفي رواية " كان لا يدخر لغد " والأول في الصحيحين والثاني في مسلم ، والجمع بينهما أنه كان لا يدخر لنفسه ويدخر لعياله ، أو أن ذلك كان باختلاف الحال فيتركه عند حاجة الناس إليه ويفعله عند عدم الحاجة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( كان بالناس جهد ) بالفتح أي مشقة من جهد قحط السنة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأردت أن تعينوا فيها ) كذا هنا من الإعانة ، وفي رواية مسلم عن محمد بن المثنى عن أبي عاصم شيخ البخاري فيه فأردت أن تفشوا فيهم وللإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي خيثمة عن أبي عاصم فأردت أن تقسموا فيهم كلوا وأطعموا وادخروا قال عياض : الضمير في تعينوا فيها للمشقة المفهومة من الجهد أو من الشدة أو من السنة لأنها سبب الجهد ، وفي تفشوا فيهم أي في الناس المحتاجين إليها ، قال في " المشارق " : ورواية البخاري أوجه ، وقال في شرح مسلم : ورواية مسلم أشبه . قلت قد عرفت أن مخرج الحديث واحد ومداره على أبي عاصم وأنه تارة قال هذا وتارة قال هذا ، والمعنى في كل صحيح فلا وجه للترجيح . الحديث الرابع حديث عائشة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية