الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن رفع يديه ) حذو منكبيه كما في التحرم لصحة الخبر به ( مع ابتداء رفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ) أي تقبله منه ويكفي من حمد الله سمعه [ ص: 63 ] ويسن للإمام والمبلغ الجهر به لأنه ذكر الانتقال وإطباق أكثر عوام الشافعية على الإسرار به والجهر بربنا لك الحمد جهل وخبر : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد . معناه قولوا ذلك مع ما علمتموه مني من سمع الله لمن حمده { لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهذه ويسر بربنا لك الحمد } وقاعدة التأسي تحملهم على الإتيان بسمع الله لمن حمده وعدم علمهم بربنا لك الحمد يحملهم على عدم الإتيان به فأمرهم به فقط لأنه المحتاج للتنبيه عليه ( فإذا انتصب ) قائما أرسل يديه وما قيل يجعلهما تحت صدره كالقيام يأتي قريبا رده و ( قال ربنا ) أو اللهم ربنا ( لك ) أو ولك ( الحمد ) أو لك الحمد ربنا أو الحمد لربنا وأفضلها ربنا لك الحمد عند الشيخين لأنه أكثر الروايات أو ربنا ولك الحمد كما في الأم ووجه بتضمنه جملتين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما في التحقيق وصح { أنه صلى الله عليه وسلم رأى بضعا وثلاثين ملكا يستبقون إلى هذه أيهم يكتبها أولا } ( ملء ) بالرفع صفة والنصب حالا أي مالئا بتقدير تجسمه ( السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ) أي بعدهما كالكرسي والعرش وغيرهما مما لا يحيط به إلا علم علام الغيوب ويسن هذا حتى للإمام مطلقا خلافا للمجموع أنه إنما يسن له ربنا لك الحمد فقط ( ويزيد المنفرد ) وإمام من مر ( أهل ) أي يا أهل ويجوز الرفع بتقدير أنت ( الثناء ) أي المدح ( والمجد ) أي العظمة والكرم ( أحق ) مبتدأ ( ما قال العبد وكلنا لك عبد ) اعتراض والخبر ( لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد ) [ ص: 64 ] بفتح الجيم أي صاحب الغنى أو المال أو الحظ أو النسب ( منك الجد ) أي عندك جده وإنما الذي ينفعه عندك رضاك ورحمتك لا غير وفي رواية حق بلا همزة كلنا بلا واو فالخبر ما قال العبد وكلنا إلى آخره بدل من ما .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله يأتي قريبا ) أي في شرح قوله ورفع يديه ( قوله بتضمنه جملتين ) [ ص: 64 ] انظره مع أن كلا من الصيغ السابقة عليه ما عدا الحمد لربنا جملتان ( قوله فالخبر ما قال ) أو أحق خبر ما قال .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله حذو منكبيه ) إلى قوله وما قيل في النهاية والمغني قول المتن ( مع ابتداء رفع رأسه ) أي مبتدئا رفعهما مع ابتداء رفعه ويستمر إلى انتهائه رواه الشيخان ( قائلا ) في رفعه ( سمع الله لمن حمده ) كذا في النهاية والمغني وقد يؤخذ من هذا الصنيع أنه يسن كون ابتداء الثلاثة رفع اليدين والرأس والتسميع معا وانتهاؤها معا ، ولم أر من حرره فليتأمل بصري ( قوله أي تقبله منه ) أطبقوا على تفسير سمع إلخ بما ذكر مع أن في بقائه على ظاهره واستشعار معناه ما يحمل المتكلم به على مزيد التوجه في الإتيان بالحمد الذي يعقبه بقوله ربنا إلخ بصري ( قوله ويكفي إلخ ) أي في حصول أصل السنة والأول أفضل مغني ونهاية ( قوله وخبر إذا إلخ ) [ ص: 63 ] عبارة النهاية والمغني ولا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم والمنفرد وخبر إلخ ( قوله الجهر به ) أي بالتسميع إن احتيج إليه نهاية قال ع ش قوله م ر إن احتيج إليه راجع لكل من الإمام والمبلغ فالجهر به حيث لم يحتج إليه مكروه ا هـ .

                                                                                                                              واعتمده شيخنا عبارته ويجهر بالتكبيرات إن كان إماما ليسمعه المأمومون أو مبلغا إن احتيج إليه بأن لم يبلغ صوت الإمام جميع المأمومين كذا قال المحشي يعني البرماوي ، وظاهره أن الإمام يجهر وإن لم يحتج إليه وقيد الشبراملسي كلا بالاحتياج وهو الظاهر ويقصد أن الذكر وحده أو مع الإعلام لا الإعلام وحده لأنه يضر ، وكذا الإطلاق في حق العالم بخلاف العامي ولا بد من قصد الذكر عند كل تكبيرة عند الرملي ويكفي قصده في التكبيرة الأولى عند الخطيب أما المنفرد والمأموم غير المبلغ فيسران بالتكبيرات ويكره لهما الجهر بها ولو من المرأة ولو أمت المرأة نساء جهرت بالتكبيرات أقل من جهر الرجل بحيث لا يسمعها أجنبي كما قاله في الجواهر ا هـ أقول وميل القلب إلى ما قاله البرماوي من جهر الإمام مطلقا لأن الغالب الاحتياج إلى جهره ويؤيده تعبير المغني بقوله ويسن الجهر به للإمام والمبلغ إن احتيج إليه ا هـ والرشيدي بقوله للإمام والمبلغ المحتاج إليه ا هـ ( قوله ويسن للإمام والمبلغ إلخ ) عبارة المغني ويسن الجهر به للإمام والمبلغ إن احتيج إليه لأنه ذكر الانتقال ولا يجهر بقوله ربنا لك الحمد لأنه ذكر الرفع فلم يجهر به كالتسبيح وغيره وقد عمت البلوى بالجهر به وترك الجهر بالتسميع لأن أكثر الأئمة والمؤذنين صاروا جهلة بسنة سيد المرسلين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإطباق أكثر عوام الشافعية ) أي من الأئمة المؤذنين نهاية ( قوله لأنه إلخ ) تعليل لكون المعنى ما ذكر ( قوله يأتي قريبا إلخ ) أي في شرح قوله ورفع يديه سم ( قوله وقال ) أي كل من الإمام والمنفرد والمأموم سرا مغني وقول ابن المنذر أن الشافعي خرق الإجماع في جمع المأموم بين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد مردودا إذ قال بقوله عطاء وابن سيرين وإسحاق وأبو بردة وداود وغيرهم نهاية ( قوله أو اللهم ) إلى قوله فالخبر إلخ في المغني ( قوله ووجه إلخ ) عبارة المغني أي لأنه جمع معنيين الدعاء والاعتراف أي ربنا استجب لنا ولك الحمد على هدايتك إيانا ا هـ .

                                                                                                                              وبه يندفع قول سم ما نصه قوله بتضمنه جملتين انظره مع أن كلا من الصيغ السابقة عليه ما عدا " الحمد لربنا " جملتان ا هـ . عبارة ع ش بعد ذكر توجيه الشارح المذكور نصها أي فإن لك الحمد من ربنا لك الحمد جملة واحدة بخلاف ولك الحمد فإن الواو تدل على محذوف والمقدر كالملفوظ فربنا لك الحمد جملتان وربنا ولك الحمد ثلاث جمل بما دل عليه العاطف وبهذا يجاب عن تنظير سم فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله حمدا ) إلى قوله فالخبر إلخ في النهاية إلا قوله وصح إلى المتن وقوله أي يا أهل إلى المتن وقوله أو النسب ( قوله كما في التحقيق ) أي زيادة حمدا كثيرا إلخ مغني ( قوله بضعا إلخ ) عبارة المغني بضعة وثلاثين إلخ وذلك لأن عدد حروفها كذلك ا هـ ، وكذا في ع ش عن المشكاة عن البخاري بضعة بالتاء ( قوله أول ) قال الجلال السيوطي أول بالضم على البناء وبالنصب على الحال وقال الكرماني أول مبني على الضم بأن حذف منه المضاف إليه أي أولهم يعني كل واحد منهم يسرع ليكتب هذه الكلمات قبل الآخر ويصعد بها إلى حضرة الله لعظم قدرها وفي بعضها أول بالفتح انتهى ا هـ ع ش ( قوله والنصب إلخ ) وهو المعروف في روايات الحديث كردي ( قوله بتقدير تجسمه ) راجع للرفع أيضا ( قوله ويسن هذا ) أي ربنا لك الحمد إلخ ( قوله مطلقا ) أي وإن لم يحصر المأمومون أو لم يرضوا قول المتن ( ويزيد المنفرد أهل الثناء إلخ ) أي ويكره له تركه عباب و م ر ا هـ ع س .

                                                                                                                              ( قوله وإمام من مر ) أي ومأموم طول إمامه أخذا مما مر ( قوله والكرم ) عبارة النهاية والمغني وقال الجوهري الكرم ا هـ قال ع ش ويؤخذ من ذلك أنه يطلق على كل منهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مبتدأ ) ويحتمل كما قاله ابن الصلاح كون أحق خبرا لما قبله [ ص: 64 ] وهو ربنا لك الحمد أي هذا الكلام أحق نهاية ومغني ( قوله بفتح الجيم ) وروي بالكسر وهو الاجتهاد نهاية ومغني أي فيهما ع ش ( قوله فالخبر ما قال إلخ ) أو أحق خبر ما قال سم عبارة البصري قوله فالخبر ما قال العبد أي والمبتدأ أحق وسوغ الابتداء به ما لوحظ فيه من التفخيم والتعظيم وعليه يتعين أن تكون ما موصوفة لا موصولة لئلا يلزم الإخبار عن المعرفة بالنكرة وهو لا يجوز وإن تخصصت ويحتمل أن يكون أحق خبرا مقدما والمبتدأ ما قال إلخ ، وعليه يحتمل ما كلا المعنيين ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية