الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأكره في حياته لبس الحلي والحرير ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الذهب بيمينه والحرير بشماله وقال هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثها } فإنما أباح اللبس بشرط أنوثة اللابس ، وهذا الشرط غير معلوم في الخنثى ، ثم ما يتردد بين الحظر والإباحة يترجح معنى الحظر فيه لقوله عليه السلام { الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك } وترك لبس الحرير لا يريبه ولبسه يريبه ، يوضحه أن الاجتناب عن الحرام فرض والإقدام على المباح ليس بفرض فكان الاحتياط في ترك لبس الحرير لكي لا يكون مواقعا للحرام إن كان رجلا ، وإن قبله رجل بشهوة لم يتزوج أمه حتى يستبين أمره ; لأنه إن كان أنثى فتقبيله بعد ما راهق يثبت حرمة المصاهرة فتكون أمه حراما عليه من هذا الوجه ، وترك نكاح امرأة تحل له أولى من نكاح امرأة هي محرمة عليه ، وإن زوجه أبوه رجلا أو امرأة فلا علم لي بنكاحه وهو موقوف إلى أن يبلغ ; لأن الذكر يدخل في النكاح دخول المالكين ، والأنثى تصير مملوكة بالنكاح ولا يمكن إثبات واحد من الوصفين في حقه من غير دليل ، ولا وجه لإبطال إنكاح الولي في حال قيام ولايته ما لم يعلم أنه لم يصادف محله فيكون موقوفا إلى أن يبلغ ، فإن ظهرت فيه علامة الرجال وقد زوجه أبوه امرأة حكم بصحة النكاح من حين عقد الأب ; لأنه تبين أن تصرفه صادف محله ، وإن لم يصل إليها أجل كما يؤجل العنين ، وإن كان زوجه أبوه من رجل ثم ظهر به علامة الرجال فقد تبين أن هذا التصرف لم يصادف محله فكان باطلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية