الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي

معطوفة على جملة وأعرض عن الجاهلين والمناسبة أن مقالتهم هذه من جهالتهم والآية يجوز أن يراد بها خارق العادة أي هم لا يقنعون بمعجزة القرآن فيسألون آيات كما يشاءون مثل قولهم : فجر لنا من الأرض ينبوعا . وهذا المعنى هو الذي شرحناه عند قوله - تعالى - وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها [ ص: 237 ] في سورة الأنعام . وروي هذا المعنى عن مجاهد ، والسدي ، والكلبي ويجوز أن يراد بآية آية من القرآن يقترحون فيها مدحا لهم ولأصنامهم ، كما قال الله عنهم قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله روي عن جابر بن زيد وقتادة : كان المشركون إذا تأخر الوحي يقولون للنبيء هلا أتيت بقرآن من عندك . يريدون التهكم .

و " لولا " حرف تحضيض مثل هلا .

والاجتباء الاختيار ، والمعنى : هلا اخترت آية وسألت ربك أن يعطيكها ، أي هلا أتيتنا بما سألناك غير آية القرآن فيجيبك الله إلى ما اجتبيت ، ومقصدهم من ذلك نصب الدليل على أنه بخلاف ما يقول لهم إنه رسول الله ، وهذا من الضلال الذي يعتري أهل العقول السخيفة في فهم الأشياء على خلاف حقائقها وبحسب من يتخيلون لها ويفرضون .

والجواب الذي أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يجيب به وهو قوله قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي صالح للمعنيين ، فالاتباع مستعمل في معنى الاقتصار والوقوف عند الحد ، أي لا أطلب آية غير ما أوحى الله إلي ، ويعضد هذا ما في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من الأنبياء إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ويكون المعنى : إنما أنتظر ما يوحى إلي ولا أستعجل نزول القرآن إذا تأخر نزوله . فيكون الاتباع متعلقا بالزمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية