الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                وفيه ثلاثة أبواب : [ ص: 262 ] الباب الأول في الأركان وهي أربعة : الآخذ ، والمأخوذ والمأخوذ منه ، وما به الآخذ .

                                                                                                                الركن الأول : الآخذ ، وهو كل شريك في الملك ، وفي الكتاب : للذمي الأخذ ، باع المسلم من مسلم أو ذمي كالمسلم ; فإن كان الشريكان ذميين لم أتعرض لهما إلا أن يترافعوا إلينا ، لأنا لا نتعرض للذمة إلا في التظالم ، وهذا سبب ملك كالبيع ، ووافقنا ( ش ) و ( ح ) في استواء الذمي والمسلم في الشفعة ، وخالفنا أحمد ، لنا : عموم النصوص المتقدمة ، ولأنه لو أعتق شقصا من عبد بينه وبين مسلم قوم عليه كالمسلم فيستويان هاهنا بجامع أحكام الملك ، وقياسا على الرد بالعيب في البيع بجامع نفي الضرر ، ولأنها من حقوق المال فيستوي فيها الذمي وغيره كخيار الشرط ، وإمساك الرهن ، والمطالبة بالأجل في السلم وغيره . احتج بقوله - عليه السلام : ( لا شفعة لنصراني ) ولقوله تعالى : ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) [ ص: 263 ] وشفعته سبيل ، ولأنه ليس إحياء الأرض الموات لما فيه من تفويت الرقبة على المسلمين ، فأن لا يأخذ بالشفعة أولى ، لأن الإحياء لم يتعلق به حق معين ، والشفعة ثبت الملك فيها لمعين .

                                                                                                                والجواب عن الأول : منع الصحة ، سلمنا صحته ، لكن يحمل على الجار أو على شفاعته - عليه السلام .

                                                                                                                والجواب عن الثاني : أن معناه : بغير سبب شرعي ، أما بالسبب الشرعي فله المطالبة إجماعا كقبض المبيع من المسلم والدين وغيرهما .

                                                                                                                والجواب عن الثالث : الفرق بأن الإحياء تفويت الرقبة على المسلمين بغير بدل ، والشفعة بدلها الثمن ، مع أنه روي عن مالك : له الإحياء في بلد المسلمين إلا جزيرة العرب .

                                                                                                                تفريع : قال التونسي : قال ابن القاسم : إذا باع المسلم من ذمي لا يأخذ الذمي ; فإن باع نصراني من نصراني فللمسلم الأخذ ، لأنه حكم لمسلم ; فإن باع بخمر أو خنزير فبقيمة الشقص عند أشهب لتعذر رد الثمن ، ولا قيمة للخمر ، وبقيمة الخمر عند ابن عبد الحكم ، وهو أشبه بمذهب ابن القاسم ; لأنه مما يضمن بالقيمة عند استهلاكه للنصراني ، وعند عبد الملك : إذا استهلكه المسلم لنصراني لا قيمة عليه ، قال ابن يونس : قال أشهب : إذا كان الثلاثة ذمة لا شفعة ، وإن ترافعوا إلينا ; لأن الشفعة ليست من باب التظالم عندهم إلا أن يكون أحدهم مسلما ، قال صاحب النوادر : في الموازية : قال ابن القاسم : إذا كان الشريكان نصرانيين فباع أحدهما حصته قضينا بالشفعة إن ترافعوا إلينا ، قال سحنون : إذا حبس المرتد ; فإن تاب فله الشفعة ، وإن قتل فهي للسلطان يأخذها إن شاء لبيت المال أو يترك ، وقبل التوبة هو محجور عليه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية