الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5283 - وعن زيد بن الحسين ، قال : سمعت مالكا وسئل أي شيء الزهد في الدنيا ؟ قال : طيب الكسب وقصر الأمل . رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) .

التالي السابق


5283 - ( وعن زيد بن الحسين ) : لم يذكره المؤلف في أسمائه لكونه من رواة مالك ، وهو وشيخه ليسا من الصحابة والتابعين ( قال : سمعت مالكا وسئل ) أي : والحال أنه سئل ( أي شيء الزهد في الدنيا ؟ قال : طيب الكسب ) أي : المكسوب من المأكول والمشروب بأن يكون حلالا طيبا يورث علما نافعا وعملا صالحا ; لأنه قال تعالى للرسول : كلوا من الطيبات واعملوا صالحا وقال : ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ( وقصر الأمل ) أي : بكثرة العمل مخافة إتيان الأجل المزهد في الدنيا المرغب في العقبى . قال الطيبي - رحمه الله - : فإن قلت : أي مدخل لطيب الكسب في الزهد ؟ قلت : هذا رد على من زعم أن الزهد في مجرد ترك الدنيا ولبس الخشن وأكل الجشب ، أي : ليس حقيقة الزهد ما زعمته ، بل حقيقته أن تأكل الحلال ، وتلبس الحلال ، وتقنع بالكفاف ، وتقصر الأمل ، ونحوه قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - : " الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال ، ولكن الزهادة في الدنيا بأن لا تكون بما في يديك أوثق بما في أيدي الناس " انتهى . وتمامه ، على ما في الجامع برواية الترمذي وابن ماجه عن أبي ذر : وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب منك فيها لو أنها ألقيت لك " . وسيأتي هذا الحديث في أصل الكتاب من أواخر الباب ، ونظيره أنه قيل للإمام محمد صاحب أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - : لما لم تصنف في التصوف ؟ فقال : صنفته وألفته . فقيل : ما هو ؟ فقال : كتاب البيع فمن لم يعرف صحته وفساده يأكل حراما ، ومن أكل حراما لا يصلح حاله أبدا ( رواه البيهقي في شعب الإيمان " ) .




الخدمات العلمية