الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 60 ] ( ولو اقتدى بإمام راكع فوقف حتى رفع الإمام رأسه لم يدرك ) المؤتم ( الركعة ) لأن المشاركة في جزء من الركن شرط ولم توجد فيكون مسبوقا فيأتي بها بعد فراغ الإمام ، بخلاف ما لو أدركه في القيام ولم يركع معه فإنه يصير مدركا لها فيكون لاحقا [ ص: 61 ] فيأتي بها قبل الفراغ ، ومتى لم يدرك الركوع معه تجب المتابعة في السجدتين وإن لم تحسبا له ولا تفسد بتركهما ، فلو لم يدرك الركعة ولم يتابعه لكنه إذا سلم الإمام فقام وأتى بركعة فصلاته تامة وقد ترك واجبا نهر عن التجنيس .

( ولو ركع ) قبل الإمام ( فلحقه إمامه فيه صح ) ركوعه ، وكره تحريما إن قرأ الإمام قدر الفرض ( وإلا لا ) يجزيه ; ولو سجد المؤتم مرتين والإمام في الأولى لم تجزه سجدته عن الثانية ، وتمامه في الخلاصة .

التالي السابق


( قوله فوقف ) وكذا لو لم يقف بل انحط فرفع الإمام قبل ركوعه لا يصير مدركا لهذه الركعة مع الإمام فتح . ويوجد في بعض النسخ : فوقف بلا عذر أي بأن أمكنه الركوع فوقف ولم يركع ، وذلك لأن المسألة فيها خلاف زفر ; فعنده إذا أمكنه الركوع فلم يركع أدرك الركعة لأنه أدرك الإمام فيما له حكم القيام .

( قوله لأن المشاركة ) أي أن الاقتداء متابعة على وجه المشاركة ولم يتحقق من هذا مشاركة لا في حقيقة القيام ولا في الركوع فلم يدرك معه الركعة إذ لم يتحقق منه مسمى الاقتداء بعد ، بخلاف من شاركه في القيام ثم تخلف عن الركوع لتحقق مسمى الاقتداء منه بتحقق جزء مفهومه ، فلا ينتقض بعد ذلك بالتخلف لتحقق مسمى اللاحق في الشرع اتفاقا وهو بذلك وإلا انتفى هذا ، وكذلك في الفتح . [ ص: 61 ] وحاصله أن الاقتداء لا يثبت في الابتداء على وجه يدرك به الركعة مع الإمام إلا بإدراك جزء من القيام أو مما في حكمه وهو الركوع لوجود المشاركة في أكثرها فإذا تحقق منه ذلك لا يضره التخلف بعده ، حتى إذا أدركه في القيام فوقف حتى ركع الإمام ورفع فركع هو صح لتحقق مسمى الاقتداء في الابتداء فإن ذلك حقيقة اللاحق وإلا لزم انتفاء اللاحق مع أنه محقق شرعا فافهم .

( قوله فيأتي بها قبل الفراغ ) المراد أنه يأتي بها قبل متابعة الإمام فيما بعدها ، حتى لو تابع الإمام ثم أتى بعد فراغ إمامه بما فاته صح وأثم لترك واجب الترتيب ، وإنما عبر بالفراغ لمقابلته للمسبوق ، فإنه إنما يأتي بما سبق به بعد فراغ إمامه فافهم .

( قوله ومتى لم يدرك الركوع ) أي في مسألة المتن .

وحاصله أنه إذا لم يدرك الركعة لعدم متابعته له في الركوع أو لرفع الإمام رأسه منه قبل ركوعه لا يجوز له القطع كما يفعله بعض الجهلة لصحة شروعه ، ويجب عليه متابعته في السجدتين وإن لم تحسبا له كما لو اقتدى به بعد رفعه من الركوع أو وهو ساجد كما في البحر .

( قوله وإن لم تحسبا له ) أي من الركعة التي فاتته ، بل يلزمه الإتيان بها تامة بعد الفراغ .

( قوله ولا تفسد بتركهما ) أي السجدتين ، لأن وجوب الإتيان بهما إنما هو لوجوب متابعة الإمام لئلا يكون مخالفا له كما تجب متابعة المسبوق في القعدة وإن لم تكن على ترتيب صلاته وإلا فهاتان السجدتان ليستا بعض الركعة التي فاتته لأن السجود لا يصح إلا مرتبا على ركوع صحيح ، ولذا لزمه الإتيان بركعة تامة .

( قوله فلو لم يدرك إلخ ) الأخصر إسقاط هذا والاقتصار على قوله لكنه إذا سلم الإمام فقام وأتى بركعة إلخ .

( قوله وقد ترك واجبا ) وهو متابعة الإمام في السجود عند شروعه ، وليس المراد أنه إذا أتى بركعة تامة بعد سلام الإمام ولم يقض السجدتين أيضا يكون تاركا واجبا كما يوهمه ما فهمه الشارح في واجبات الصلاة ; حيث ذكر أن مقتضى القواعد أنه يقضيهما ، لأن ذلك خلاف القواعد ، ويدل على ما قلنا عبارة التجنيس ، فإنه قال : وإذا لم يتابعه في السجدة ثم تابعه في بقية الصلاة فلما فرغ الإمام قام وقضى ما سبق به تجوز الصلاة إلا أنه يصلي تلك الركعة الفائتة بسجدتيها بعد فراغ الإمام وإن كانت المتابعة حين شرع واجبة في تلك السجدة ا هـ وقد أوضحنا ذلك هناك فراجعه .

( قوله صح ركوعه ) أي لتحقق الاقتداء بمشاركته في الابتداء بجزء من القيام ، فلا يضر التخلف بعده كما مر تقريره .

( قوله وكره تحريما ) أي للنهي عن مسابقة الإمام .

( قوله قدر الفرض ) الذي في الذخيرة ثلاث آيات : أي قدر الواجب . والظاهر أنه غير قيد ، وأنه ينبغي الاكتفاء بقدر الفرض كما بحثه صاحب النهر والخير الرملي ، وتبعهما الشارح .

( قوله وإلا لا ) أي وإن لم يلحقه إمامه فيه بأن رفع رأسه قبل أن يركع الإمام أو لحقه ولكن كان ركوع المقتدي قبل أن يقرأ الإمام مقدار الفرض لا يجزيه . ا هـ . ح أي فعليه أن يركع ثانيا وإلا بطلت كما في الإمداد .

( قوله ولو سجد المؤتم إلخ ) أفاد أن الركوع في كلام المصنف غير قيد ، بل المراد كل ركن سبقه المأموم به كما في البحر .

( قوله عن الثانية ) الأولى حذف عن ( قوله وتمامه في الخلاصة ) لم أر هذه المسألة فيها ، نعم ما فيها ما ذكره في النهر بقوله وذكر في الخلاصة أن المقتدي لو أتى بالركوع والسجود قبل إمامه فالمسألة على خمسة أوجه : حاصلها أنه إما أن يأتي بهما قبله أو بعده أو بالركوع معه والسجود قبله أو عكسه ، أو يأتي بهما قبله ويدرك في كل الركعات [ ص: 62 ] ففي الأول يقضي ركعة ، وفي الثالث ركعتين ، وفي الرابع أربعا بلا قراءة في الكل ولا شيء عليه في الثاني والخامس ، وفيها أيضا المقتدي إذا رفع رأسه من السجدة قبل إمامه فلما أطال الإمام ظن أنه سجد ثانية فسجد معه ، إن نوى بها الأولى أو لم تكن له نية كانت عن السجدة الأولى ; وكذا إن نوى الثانية والمتابعة ترجيحا للمتابعة ، وتلغو نية غيرها للمخالفة ; وإن نوى الثانية لا غير كانت عن الثانية ا هـ . وذكر المحشي توجيه الأولى ، وقدمناه موضحا في أواخر الإمامة ، والله أعلم .




الخدمات العلمية