الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل وكل هدي أو إطعام تعلق بحرم أو إحرام كجزاء صيد حرم أو إحرام ( وما وجب ) من فدية ( لترك واجب أو ) ل ( فوات ) حج ( أو ) وجب ( بفعل محظور في حرم ) كلبس ووطء فيه فهو لمساكين الحرم قال ابن عباس : " الهدي والإطعام بمكة " ( و ) كذا ( هدي تمتع وقران ) ومنذور ونحوها لقوله تعالى : { ثم محلها إلى البيت العتيق } وقال في جزاء الصيد { هديا بالغ الكعبة } وقيس عليه الباقي ( يلزم ذبحه ) أي الهدي ( في الحرم ) قال أحمد : مكة [ ص: 559 ] ومنى واحد واحتج الأصحاب بحديث جابر مرفوعا { كل فجاج مكة طريق ومنحر } رواه أحمد وأبو داود ورواه مسلم بلفظ { منى كلها منحر } وإنما أراد الحرم لأنه كله طريق إليها والفج الطريق

                                                                          ( و ) يلزم ( تفرقة لحمه ) أي الهدي المذكور لمساكينه ( أو إطلاقه لمساكينه ) أي الحرم لأن المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة عليهم ولا يحصل بإعطاء غيرهم ، وكذا الإطعام .

                                                                          قال ابن عباس : " الهدي والإطعام بمكة " ولأنه ينفعهم كالهدي ( وهم ) أي مساكين الحرم ( المقيم به ) أي الحرم ( والمجتاز ) بالحرم ( من حاج وغيره ممن له أخذ زكاة لحاجة ) ولو تبين غناه بعد ذلك فكزكاة ( والأفضل نحر ما وجب بحج بمنى ; ونحر ما وجب بعمرة بالمروة ) خروجا من خلاف مالك ومن تبعه

                                                                          ( وإن سلمه ) أي الهدي حيا ( لهم ) أي مساكين الحرم ( فنحروه أجزأه ) لحصول المقصود ( وإلا ) ينحروه ( استرده ) وجوبا ( ونحره ) لوجوب نحره وإذا أبى ) استرداده ( أو عجز ) عن استرداده ( ضمنه ) لمساكين الحرم لعدم براءته ( والعاجز عن إيصاله ) أي ما وجب ذبحه بالحرم ( إلى الحرم ) بنفسه أو بمن يرسله معه ( ينحره حيث قدر ويفرقه بمنحره ) لقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ( وتجزئ فدية أذى و ) فدية ( لبس و ) فدية ( طيب ونحوها ) كتغطية رأس ( و ) سائر ( ما وجب بفعل محظور فعله خارجالحرم به ) متعلق ب " يجزئ " أي الحرم

                                                                          ( ولو ) فعله ( لغير عذر ) كسائر الهدي ( و ) يجزئ أيضا ( حيث وجد ) المحظور ، لأمره صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة بالفدية بالحديبية وهي من الحل واشتكى الحسين بن علي رأسه فحلقه علي ونحر عنه جزورا بالسقيا رواه مالك والأثرم وغيرهما ( ودم إحصار حيث أحصر ) من حل أو حرم نصا لأنه صلى الله عليه وسلم { نحر هديه في موضعه بالحديبية } وهي من الحل قال تعالى : { وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله } .

                                                                          ( و ) يجزئ ( صوم وحلق بكل مكان ) لأنه لا يتعدى نفعه إلى أحد فلا فائدة في تخصيصه بالحرم ، ولعدم الدليل عليه ( والدم المطلق كأضحية ) أي يجزئ فيه ما يجزئ فيها فإن قيد بنحو بدنة تقيد ( جذع ضأن ) له ستة أشهر ( أو ثني معز ) له سنة ( أو سبع بدنة ، أو ) سبع ( بقرة ) لقوله تعالى في التمتع : { فما استيسر من الهدي } .

                                                                          قال ابن عباس : " شاة أو [ ص: 560 ] شرك في دم " وقوله : { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } فسره صلى الله عليه وسلم في حديث كعب بن عجرة بذبح شاة وقيس عليها الباقي

                                                                          وإذا ذبح ) من وجب عليه دم مطلق ( إحداهما ) أي بدنة أو بقرة ( ف ) هو ( أفضل ) مما تقدم لأنها أوفر لحما وأنفع للفقراء ( وتجب كلها ) لأنه اختار الأعلى لأداء فرضه فكان كله واجبا كالأعلى من خصال الكفارة إذا اختاره ( وتجزئ عن بدنة وجبت ولو في ) جزاء ( صيد بقرة ) لحديث ابن الزبير عن جابر { كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل له : والبقرة ؟ فقال : وهل هي إلا من البدن } رواه مسلم ( كعكسه ) أي كما تجزئ بدنة عن بقرة وجبت ولو في صيد .

                                                                          ( و ) يجزئ ( عن سبع شياه بدنة أو بقرة مطلقا ) أي وجد الشياه أو عدمها في جزاء الصيد أو غيره لحديث جابر { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة } رواه مسلم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية