الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      تبت يدا أبي لهب وتب أي: خسرت يداه، وخسر، فالأول: فيه معنى الدعاء، والثاني: خبر محض; المعنى: وقد تب، [وخص اليدين; لأن العمل أكثر ما يكون بهما.

                                                                                                                                                                                                                                      و (أبو لهب) : هو عم النبي صلى الله عليه وسلم]، و {وامرأته} : أم جميل أخت أبي سفيان.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: علا النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فصاح: {يا صباحاه} ، فاجتمعت قريش، فقالوا: ما شأنك؟ فقال: {أرأيتم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم، أو ممسيكم; أما كنتم تصدقونني؟} ، قالوا: بلى، قال: فإني نذير لكم بين يدي [ ص: 184 ] عذاب شديد، فقال له أبو لهب: تبا لك، ألهذا دعوتنا؟! فأنزل الله عز وجل هذه السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن أبا لهب أراد أن يرمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر، فمنعه الله من ذلك، وأنزل: تبت يدا أبي لهب ; للمنع الذي وقع به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما أغنى عنه ماله وما كسب : يجوز أن تكون استفهاما، و {ما} الثانية: يجوز أن تكون بمعنى: (الذي) ، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى وما كسب : ما كسب من جاه، وقال مجاهد: من ولد.

                                                                                                                                                                                                                                      سيصلى نارا ذات لهب وامرأته : يجوز أن تكون {امرأته} معطوفة على المضمر في {سيصلى} ، ويجوز أن تكون مبتدأة، والخبر: {حمالة الحطب} في من رفع، وهو مذكور فيما بعد.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: كانت امرأة أبي لهب تحمل الشوك، فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة، ومجاهد، وغيرهما: معناه: تمشي بالنميمة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 185 ] وقيل: المعنى: حمالة الخطايا والذنوب، من قولهم: (فلان يحطب على نفسه) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: حمالة الحطب في النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنها عيرت النبي عليه الصلاة والسلام بالفقر، وهي تحتطب في حبل، وتجعله في جيدها; أي: في عنقها، و (المسد) : الليف، وجمع (الجيد) : (أجياد) ، و (المسد) : (أمساد) .

                                                                                                                                                                                                                                      [أبو عبيدة: هو حبل يكون من ضروب].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي حبال من شجر تنبت باليمن، تسمى (المسد) .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: المعنى: قلادة من ودع.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: هي سلسلة، ذرعها سبعون ذراعا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو حبل من نار، ويكون في عنقها في جهنم.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: هي الحديدة التي في وسط البكرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (المسد) : الفتل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية