الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 225 ] وتخفيف الهمزة الثانية من المجتمعتين في كلمة دون الأولى; لأن الأولى لا يمكن تخفيفها; بسبب أنها مبتدأة.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما اللتان من كلمتين; فمن خفف الأولى; فلأنها في طرف الكلمة، والأطراف مواضع التغيير، والثانية أولى بالتحقيق; لكونها مبتدأة، وحذف من حذف; لاتفاق الحركتين في الهمزتين، فنابت الثانية عن الأولى، ولم تحذف إذ لم تتفق الحركتان، ويقوي الحذف: أنه لو جعل الهمزة بين بين في نحو: جاء آل لوط [الحجر: 61]; لأدى ذلك إلى اجتماع أربع ألفات، وذلك مرفوض، وتلك علة من خص بالحذف المفتوحتين، دون المضمومتين والمكسورتين; أعني: [مراعاة ما يجتمع في] جاء آل لوط .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن خفف الثانية من المجتمعتين في كلمتين; فلأن الاستثقال بها وقع، فكانت أولى بالتغيير، ويقويه: جري الباب على حكم واحد في المجتمعتين من كلمة أو كلمتين، وخففت الثانية من المختلفتين; لما ذكرناه، ولم يخفف الأولى منهما [ ص: 226 ] من مذهبه تخفيف الأولى من المتفقتي الحركة; ليخالف بين البابين، وجعل التخفيف بالبدل في نحو: السفهاء ألا [البقرة: 13]، و من في السماء أن [الملك: 16]; لأن الهمزة لو جعلت بين بين كسائر الباب; لصارت بين همزة وألف، وقربت من الألف، فتصير كألف قبلها ضمة أو كسرة، والألف لا ينضم ما قبلها، ولا ينكسر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جمع بين الهمزتين; فلأنهما حرفان من حروف الحلق، فجمع بينهما كما يجمع بين غيرهما من سائر حروف الحلق، وقد حكاه أبو زيد والكسائي وقطرب عن العرب، وقد قالوا في الوقف: (هذه حبلأ)، و (رأيت رجلأ); فأبدلوا الألف همزة; كما أبدلوا الهمزة ألفا، فجرت مجرى غيرها من الحروف [في البدل، فكذلك تجري في اجتماعها مع مثلها، وإدخال من أدخل الألف بينهما; فرارا من] الجمع بينهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 227 ] فأما نقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها وحذفها; فوجهه: ما ذكرناه من ثقل الهمزة، والهمزة إذا كان قبلها ساكن أثقل على اللسان من التي قبلها متحرك، وكان التخفيف فيها بإلقاء الحركة; لأن جعلها بين بين لا يسوغ; لئلا تقرب من الساكن وقبلها ساكن.

                                                                                                                                                                                                                                      قال سيبويه: ولم يبدلوا; كراهة أن يدخلوها في بنات الواو والياء اللتين هما لامان; يعني: في مثل: (الخبو)، و(الخبي).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية