الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 312 ] القول في هاء الكناية

                                                                                                                                                                                                                                      للواحد المذكر، وفي ضمائر الجماعة للغيب المذكرين والمؤنثين، وضمير التثنية للغائب.


                                                                                                                                                                                                                                      أما هاء الكناية للواحد المذكر في مذاهب القراء السبعة; فإن ابن كثير يصلها بياء إذا انكسر ما قبلها، أو كان ياء ساكنة، ويصلها بواو فيما سوى ذلك، ومن سواه منهم يصلها بواو إذا انفتح ما قبلها، أو انضم، وبياء إذا انكسر ما قبلها، ويضم من غير واو إذا كان قبلها ساكن غير الياء، ويكسر من غير صلة بياء إذا كان قبلها ياء ساكنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وخالف بعضهم في حروف، وفي الهاء المتصلة بالفعل المجزوم.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما الحروف; فأذكر منها ما خالف فيه الرواة المشهورون بالمغرب، ولا أستقصي من ذكرته في “الكبير”:

                                                                                                                                                                                                                                      فمنها: لدنه في (الكهف) [2]: روى يحيى بن آدم، عن أبي بكر، عن عاصم: أنه أسكن الدال، وأشمها الضم، وكسر النون والهاء، ووصلها بياء، ولم يذكر الذي في (النساء) [40].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 313 ] ومنها: وما أنسانيه إلا الشيطان [الكهف: 63]: ضم حفص عن عاصم الهاء، وكذلك: بما عاهد عليه الله [الفتح: 10].

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: لأهله امكثوا في (طه) [10]، و (القصص) [29]: ضم الهاء فيهما حمزة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: فيه مهانا [الفرقان: 69]: وصل حفص الهاء بياء; كابن كثير.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الهاء المتصلة بالفعل المجزوم، وهي ستة عشر موضعا:

                                                                                                                                                                                                                                      فمنها: سبعة الاختلاف فيها سواء; وهي نؤته في الموضعين في (آل عمران) [145]، و يؤده في موضعين منها [آل عمران: 75]، و نوله ، ونصله في (النساء) [115]، و نؤته منها في (الشورى) [20]: أسكن الهاء فيهن أبو عمرو، وحمزة، وأبو بكر عن عاصم، وكسر من غير بلوغ ياء قالون، ووصل بياء الباقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: أرجه وأخاه [الأعراف: 111، الشعراء: 36]: وصل الهاء بياء ورش والكسائي، وأسكنها عاصم وحمزة، ووصلها بواو مع الهمز ابن كثير وهشام، وضم من غير بلوغ واو مع الهمز أبو عمرو، وكسر الهاء من غير بلوغ ياء قالون، وهمز وكسر من غير بلوغ ياء ابن ذكوان، وهو موضعان في القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: ومن يأته مؤمنا [طه: 75]: روي عن أبي عمرو فيه: الإسكان، والصلة بياء، وروي عن قالون: الصلة، والكسرة من غير صلة، ووصل [ ص: 314 ] بياء الباقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: ويخش الله ويتقه في (النور) [52]: أسكن الهاء منه أبو عمرو وأبو بكر، وكسرها من غير صلة قالون، وقرأ حفص بإسكان القاف، وكسر الهاء من غير صلة، ووصل بياء مع كسر القاف الباقون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ومنها: فألقه إليهم [النمل: 28]: أسكن الهاء أبو عمرو، وعاصم، وحمزة، وكسر من غير صلة قالون، ووصل بياء الباقون].

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: يرضه لكم [الزمر: 7]: روي عن أبي عمرو فيه: الإسكان، والصلة بواو، وضم من غير صلة نافع، وعاصم، وحمزة، وهشام، ووصل بواو الباقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: أن لم يره أحد [البلد: 7]: روي عن أبي عمرو فيه: الإسكان، والصلة بواو، ووصل بواو الباقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها: خيرا يره ، و شرا يره [الزلزلة: 7، 8]: روى هشام عن ابن عامر إسكان الهاء فيهما، ووصل الباقون بواو.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما ضمائر الجمع والتثنية; فكان ابن كثير يكسر الهاء إذا كانت قبلها ياء ساكنة، أو كسرة، ويصل ميم الجمع بواو في كل القرآن، وكذلك روى الحلواني عن قالون، وكان أبو عمرو يكسر الهاء، ويسكن الميم إلا أن يلقاها ساكن، وهي [ ص: 315 ] متصلة بها قبلها ياء ساكنة، أو كسرة، فيكسر الهاء والميم جميعا في الوصل، فإن لم يكن قبلها ذلك; ضم الهاء والميم جميعا عند لقاء الساكن.

                                                                                                                                                                                                                                      وكان حمزة والكسائي يكسران الهاء، ويسكنان الميم إلا أن يلقاها ساكن; فيضمان الهاء والميم في الوصل في كل حال، وزاد حمزة ضم الهاء مع إسكان الميم من {عليهم} [الفاتحة: 7]، و {إليهم} [آل عمران: 77]، و {لديهم} [آل عمران: 44]، وإن لم يلقها ساكن في الوصل والوقف، ويقف على ما سوى هذه الثلاثة مما ضم فيه في الوصل بالكسر، [ولا يضم الهاء في التثنية وجمع المؤنث; نحو: عليهما [البقرة: 229]، و عليهن [البقرة: 228] ]، والكسائي يقف بالكسر في الجميع.

                                                                                                                                                                                                                                      وكان مذهب ورش كسر الهاء، وإسكان الميم إلا أن تلقاها همزة، أو ساكن; فيصلها بواو مع الهمزة، ويضم عند لقاء الساكن.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن سلام ويعقوب: ضم الهاء إذا كان قبلها ياء ساكنة حيث وقع; نحو: {فيهم} [البقرة: 129]، و {صياصيهم} [الأحزاب: 26]، وروي عنهما أيضا: ضم الهاء إذا كان قبلها كسرة; نحو: {بسمعهم وأبصارهم} [البقرة: 20]، وما أشبه ذلك، وإذا لقي الكلمة ساكن، وقبل الهاء كسرة; كسرا الهاء والميم جميعا، وإن [ ص: 316 ] كان قبل الهاء ياء ساكنة; ضما الهاء والميم جميعا.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن مسلم بن جندب، وابن أبي إسحاق، والأعرج; باختلاف عنهم: {عليهمو}، وعن الأعرج أيضا: {عليهم}; بضمة من غير صلة، وعنه: كسر الهاء، وضم الميم، من غير صلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الحسن: {عليهمي}.

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر الأخفش سعيد ثلاثة أوجه، ذكر أنه قرئ بها، لم يسم من قرأ بها; وهي: {عليهمي}، و {عليهم}، و {عليهم}.

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا اختصار مذاهبهم في هذا الباب، ولم أستقص الروايات حسب ما صنعت في غيره من الأبواب، وإنما زدت على الروايات المشهورة ما لم يقرأ به أحد من أولئك الرواة; حسب ما فعلت في سائر الكتاب; ليكون هذا المختصر غير عار من ذكر جميع ما قرئ به، وإن لم أستقص جميع القارئين بما أذكره من ذلك، وبالله التوفيق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية