الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5755 - وعن أبي مالك الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل أجاركم من ثلاث خلال : أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا ، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وألا تجتمعوا على ضلالة ) رواه أبو داود .

التالي السابق


5755 - ( وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل أجاركم ) أي : حفظكم وأنقذكم ( من ثلاث خلال ) أي : خصال ( أن لا يدعو عليكم نبيكم ) أي : يكفر بعضكم . قاله ابن الملك ، والأظهر أنه لا يدعو عليكم دعاء الاستئصال بالهلاك ( فتهلكوا جميعا ) ، أي : كما دعا نوح وموسى ، ذكره ابن الملك ، لكن دعاء موسى كان خاصا ببعض قومه وهو القبط دون السبط كما لا يخفى ، ( وأن لا يظهر ) ؟ أي : لا يغلب ( أهل الباطل ) أي : وإن كثر أنصاره ( على أهل الحق ) أي : وإن قل أعوانه ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ) على ما رواه الحاكم عن عمر . وفي رواية ابن ماجه عن أبي هريرة ( لا يزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها ) ولعله مقتبس من قوله تعالى : يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون وفي المصابيح على الحق قال شارح له أي : بحيث يمحقه ويطفئ نوره ، وإن كانت الرواية على أهل الحق ، فإنه أراد به الظهور كل الظهور حتى لا يبقى لهم فئة ولا جماعة . قال التوربشتي : يريد أن الباطل وإن كثرت أنصاره ، فلا يغلب الحق بحيث يمحقه ويطفئ نوره ، ولم يكن ذلك بحمد الله مع ما ابتلينا به من الأمر الفادح والمحنة العظمى بتسلط الأعداء علينا ، ومع استمرار الباطل ، فالحق أبلج والشريعة قائمة لم تخمد نارها ولم يندرس منارها ، ( وأن لا تجتمعوا على ضلالة ) أي : وأن لا تتفقوا على شيء باطل ، وهذا يدل على أن إجماع الأمة حجة ، وأن ما هو حسن عند الناس فهو حسن عند الله ويقويه قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا .

فهذا مأخذ حسن لقولهم الإجماع حجة استنبطه الشافعي - رحمه الله - من الكتاب ، قال الطيبي وحرف النفي في القرائن زائد مثل قوله تعالى : ما منعك ألا تسجد وفائدة تأكيد معنى الفعل الذي يدخل عليه وتحقيقه وذلك أن الإجارة إنما تستقيم إذا كانت الخلال مثبتة أو منفية . ( رواه أبو داود ) .

[ ص: 3683 ]



الخدمات العلمية